استحلاف للتأكيد لكنه يكره لغير ضرورة وفى قوله أعندك شئ فقال لا دليل على تخصيص العموم بالقرينة لان لفظ شئ يشمل الخطير والتافه وهو كان لا يعدم شيئا تافها كالنواة ونحوها لكنه فهم أن المراد ما له قيمة في الجملة فلذلك نفى أن يكون عنده ونقل عياض الاجماع على أن مثل الشئ الذي لا يتمول ولا له قيمة لا يكون صداقا ولا يحل به النكاح فان ثبت نقله فقد خرق هذا الاجماع أبو محمد بن حزم فقال يجوز بكل ما يسمى شيا ولو كان حبة من شعير ويؤيد ما ذهب إليه الكافة قوله صلى الله عليه وسلم التمس ولو خاتما من حديد لأنه أورده مورد التقليل بالنسبة لما فوقه ولا شك أن الخاتم من الحديد له قيمة وهو أعلى خطرا من النواة وحبة الشعير ومساق الخبر يدل على أنه لا شئ دونه يستحل به البضع وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شئ منها عند ابن أبي شيبة من طريق أبى لبيبة رفعه من استحل بدرهم في النكاح فقد استحل ومنها عند أبي داود عن جابر رفعه من أعطى في صداق امرأة سويقا أو تمرا فقد استحل وعند الترمذي من حديث عامر بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين وعند الدارقطني من حديث أبي سعيد في أثناء حديث المهر ولو على سواك من أراك وأقوى شئ ورد في ذلك حديث جابر عند مسلم كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نهى عنها عمر قال البيهقي انما نهى عمر عن النكاح إلى أجل لا عن قدر الصداق وهو كما قال وفيه دليل للجمهور لجواز النكاح بالخاتم الحديد وما هو نظير قيمته قال ابن العربي من المالكية كما تقدم لا شك ان خاتم الحديد لا يساوى ربع دينار وهذا لا جواب عنه لأحد ولا عذر فيه وانفصل بعض المالكية عن هذا الايراد مع قوته بأجوبة منها أن قوله ولو خاتما من حديد خرج مخرج المبالغة في طلب التيسير عليه ولم يرد عين الخاتم الحديد ولا قدر قيمته حقيقة لأنه لما قال لا أجد شيا عرف أنه فهم ان المراد بالشئ ما له قيمة فقيل له ولو أقل ما له قيمة كخاتم الحديد ومثله تصدقوا ولو بظلف محرق ولو بفرسن شاة مع أن الظلف والفرسن لا ينتفع به ولا يتصدق به ومنها احتمال أنه طلب منه ما يعجل نقده قبل الدخول لا أن ذلك جميع الصداق وهذا جواب ابن القصار وهذا يلزم منه الرد عليهم حيث استحبوا تقديم ربع دينار أو قيمته قبل الدخول لا أقل ومنها دعوى اختصاص الرجل المذكور بهذا القدر دون غيره وهذا جواب الأبهري وتعقب بأن الخصوصية تحتاج إلى دليل خاص ومنها احتمال أن تكون قيمته إذ ذاك ثلاثة دراهم أو ربع دينار وقد وقع عند الحاكم والطبراني من طريق الثوري عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا بخاتم من حديد فصه فضة واستدل به على جواز اتخاذ الخاتم من الحديد وسيأتى البحث فيه في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى وعلى وجوب تعجيل الصداق قبل الدخول إذ لو ساغ تأخيره لسأله هل يقدر على تحصيل ما يمهرها بعد أن يدخل عليها ويتقرر ذلك في ذمته ويمكن الانفصال عن ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم أشار بالأولى والحامل على هذا التأويل ثبوت جواز نكاح المفوضة وثبوت جواز النكاح على مسمى في الذمة والله أعلم وفيه أن اصداق ما يتمول يخرجه عن يد مالكه حتى أن من أصدق جارية مثلا حرم عليه وطؤها وكذا استخدامها بغير اذن من أصدقها وأن صحة المبيع تتوقف على صحة تسليمه فلا يصح ما تعذر اما حسا كالطير في الهواء واما شرعا كالمرهون وكذا الذي لو زال
(١٨٢)