الحديث لمن أجاز انعقاد النكاح بلفظ التمليك لأن العقد كان واحدا فلم يكن اللفظ الا واحدا واختلف الرواة في اللفظ الواقع والذي يظهر أنه كان بلفظ التزويج على وفق قول الخاطب زوجنيها إذ هو الغالب في أمر العقود إذ قلما يختلف فيه لفظ المتعاقدين ومن روى بلفظ غير لفظ التزويج لم يقصد مراعاة اللفظ الذي انعقد به العقد وانما أراد الخبر عن جريان العقد على تعليم القرآن وقيل إن بعضهم رواه بلفظ الامكان وقد اتفقوا على أن هذا العقد بهذا اللفظ لا يصح كذا قال وما ذكر كاف في دفع احتجاج المخالف بانعقاد النكاح بالتمليك ونحوه وقال العلائي من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه الألفاظ كلها تلك الساعة فلم يبق الا أن يكون قال لفظة منها وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى فمن قال بان النكاح ينعقد بلفظ التمليك ثم احتج بمجيئه في هذا الحديث إذا عورض ببقية الألفاظ لم ينتهض احتجاجه فان جزم بأنه هو الذي تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم ومن قال غيره ذكره بالمعنى قلبه عليه مخالفه وادعى ضد دعواه فلم يبق الا الترجيح بأمر خارجي ولكن القلب إلى ترجيح رواية التزويج أميل لكونها رواية الأكثرين ولقرينة قول الرجل الخاطب زوجنيها يا رسول الله (قلت) وقد تقدم النقل عن الدارقطني أنه رجح رواية من قال زوجتكها وبالغ ابن التين فقال أجمع أهل الحديث على أن الصحيح رواية زوجتكها وان رواية ملكتكها وهم وتعلق بعض المتأخرين بان الذين اختلفوا في هذه اللفظة أئمة فلولا أن هذه الألفاظ عندهم مترادفة ما عبروا بها فدل على أن كل لفظ منها يقوم مقام الآخر عند ذلك الامام وهذا لا يكفي في الاحتجاج بجواز انعقاد النكاح بكل لفظة منها الا أن ذلك لا يدفع مطالبتهم بدليل الحصر في اللفظين مع الاتفاق على ايقاع الطلاق بالكنايات بشرطها ولا حصر في الصريح وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن النكاح ينعقد بكل لفظ يدل عليه وهو قول الحنفية والمالكية واحدى الروايتين عن أحمد واختلف الترجيح في مذهبه فأكثر نصوصه تدل على موافقة الجمهور واختار بن حامد وأتباعه الرواية الأخرى الموافقة للشافعية واستدل ابن عقيل منهم لصحة الرواية الأولى بحديث أعتق صفية وجعل عتقها صداقها فان أحمد نص على أن من قال عتقت أمتي وجعلت عتقها صداقها أنه ينعقد نكاحها بذلك واشترط من ذهب إلى الرواية الأخرى بأنه لا بد أن يقول في مثل هذه الصورة تزوجتها وهى زيادة على ما في الخبر وعلى نص أحمد وأصوله يشهد بأن العقود تنعقد بما يدل على مقصودها من قول أو فعل وفيه أن من رغب في تزويج من هو أعلى قدرا منه لا لوم عليه لأنه بصدد أن يجاب الا إن كان مما تقطع العادة برده كالسوقي يخطب من السلطان بنته أو أخته وان من رغبت في تزويج من هو أعلى منها لا عار عليها أصلا ولا سيما إن كان هناك غرض صحيح أو قصد صالح اما لفضل ديني في المخطوب أو لهوى فيه يخشى من السكوت عنه الوقوع في محذور واستدل به على صحة قول من جعل عتق الأمة عوضا عن بضعها كذا ذكره الخطابي ولفظه ان من أعتق أمة كان له أن يتزوجها ويجعل عتقها عوضا عن بضعها وفى أخذه من هذا الحديث بعد وقد تقدم البحث فيه مفصلا قبل هذا وفيه أن سكوت من عقد عليها وهى ساكتة لازم إذا لم يمنع من كلامها خوف أو حياء أو غيرهما وفيه جواز نكاح المرأة دون أن تسأل هل لها ولى خاص أو لا ودون أن تسأل هل هي في عصمة رجل أو في عدته قال الخطابي ذهب إلى ذلك جماعة حملا على ظاهر الحال
(١٨٦)