بالطول وفيه أن الهبة في النكاح خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لقول الرجل زوجنيها ولم يقل هبها لي ولقولها هي وهبت نفسي لك وسكت صلى الله عليه وسلم على ذلك فدل على جوازه له خاصة مع قوله تعالى خالصة لك من دون المؤمنين وفيه جواز انعقاد نكاحه صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة دون غيره من الأمة على أحد الوجهين للشافعية والآخر لا بد من لفظ النكاح أو التزويج وسيأتى البحث فيه وفيه أن الامام يزوج من ليس لها ولى خاص لمن يراه كفؤا لها ولكن لا بد من رضاها بذلك وقال الداودي ليس في الخبر أنه استأذنها ولا أنها وكلته وانما هو من قوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم يعنى فيكون خاصا به صلى الله عليه وسلم أنه يزوج من شاء من النساء بغير استئذانها لمن شاء وبنحوه قال ابن أبي زيد وأجاب ابن بطال بأنها لما قالت له وهبت نفسي لك كان كالاذن منها في تزويجها لمن أراد لأنها لا تملك حقيقة فيصير المعنى جعلت لك أن تتصرف في تزويجي اه ولو راجعا حديث أبي هريرة لما احتاجا إلى هذا التكلف فان فيه كما قدمته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمرأة انى أريد أن أزوجك هذا ان رضيت فقالت ما رضيت فقد رضيت وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها وان لم تتقدم الرغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها لأنه صلى الله عليه وسلم صعد فيها النظر وصوبه وفى الصيغة ما يدل على المبالغة في ذلك ولم يتقدم منه رغبة فيها ولا خطبة ثم قال لا حاجة لي في النساء ولو لم يقصد أنه إذا رأى منها ما يعجبه أنه يقبلها ما كان للمبالغة في تأملها فائدة ويمكن الانفصال عن ذلك بدعوى الخصوصية له لمحل العصمة والذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره وسلك ابن العربي في الجواب مسلكا آخر فقال يحتمل أن ذلك قبل الحجاب أو بعده لكنها كانت متلففة وسياق الحديث يبعد ما قال وفيه أن الهبة لا تتم الا بالقبول لأنها لما قالت وهبت نفسي لك ولم يقل قبلت لم يتم مقصودها ولو قبلها لصارت زوجا له ولذلك لم ينكر على القائل زوجنيها وفيه جواز الخطبة على خطبة من خطب إذا لم يقع بينهما ركون ولا سيما إذا لاحت مخايل الرد قاله أبو الوليد الباجي وتعقبه عياض وغيره بأنه لم يتقدم عليها خطبة لاحد ولا ميل بل هي أرادت أن يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت نفسها مجانا مبالغة منها في تحصيل مقصودها فلم يقبل ولما قال ليس لي حاجة في النساء عرف الرجل أنه لم يقبلها فقال زوجنيها ثم بالغ في الاحتراز فقال إن لم يكن لك بها حاجة وانما قال ذلك بعد تصريحه بنفي الحاجة لاحتمال أن يبدو له بعد ذلك ما يدعوه إلى اجابتها فكان ذلك دالا على وفور فطنة الصحابي المذكور وحسن أدبه (قلت) ويحتمل أن يكون الباجي أشار إلى أن الحكم الذي ذكره يستنبط من هذه القصة لان الصحابي لو فهم أن للنبي صلى الله عليه وسلم فيها رغبة لم يطلبها فكذلك من فهم أن له رغبة في تزويج امرأة لا يصلح لغيره أن يزاحمه فيها حتى يظهر عدم رغبته فيها اما بالتصريح أو ما في حكمه وفيه أن النكاح لا بد فيه من الصداق لقوله هل عندك من شئ تصدقها وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لاحد أن يطأ فرجا وهب له دون الرقبة بغير صداق وفيه أن الأولى أن يذكر الصداق في العقد لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة فلو عقد بغير ذكر صداق صح ووجب لها مهر المثل بالدخول على الصحيح وقيل بالعقد ووجه كونه أنفع لها أنه يثبت لها نصف المسمى أن لو طلقت قبل الدخول وفيه استحباب تعجيل تسليم المهر وفيه جواز الحلف بغير
(١٨١)