الكشميهني من اخوانكن وهى أوجه والمعنى تأملن ما وقع من ذلك هل هو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه في زمن الرضاعة ومقدار الارتضاع فان الحكم الذي ينشأ من الرضاع انما يكون إذا وقع الرضاع المشترط قال المهلب معناه انظرن ما سبب هذه الاخوة فان حرمة الرضاع انما هي في الصغر حتى تسد الرضاعة المجاعة وقال أبو عبيد معناه ان الذي جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرضاع لا حيث يكون الغداء بغير الرضاع (قوله فإنما الرضاعة من المجاعة) فيه تعليل الباعث على امعان النظر والفكر لان الرضاعة تثبت النسب وتجعل الرضيع محرما وقوله من المجاعة أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلا لسد اللبن جوعته لان معدته ضعيفة يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة فيشترك في الحرمة مع أولادها فكأنه قال لا رضاعة معتبرة الا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة كقوله تعالى أطعمهم من جوع ومن شواهده حديث ابن مسعود لا رضاع الا ما شد العظم وأنبت اللحم أخرجه أبو داود مرفوعا وموقوفا وحديث أم سلمة لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الأمعاء أخرجه الترمذي وصححه ويمكن أن يستدل به على أن الرضعة الواحدة لا تحرم لأنها لا تغنى من جوع وإذا كان يحتاج إلى تقدير فأولى ما يؤخذ به ما قدرته الشريعة وهو خمس رضعات واستدل به على أن التغذية بلبن المرضعة يحرم سواء كان بشرب أم أكل بأي صفة كان حتى الوجور والسعوط والثرد والطبخ وغير ذلك إذا وقع ذل بالشرط المذكور من العدد لان ذلك يطرد الجوع وهو موجود في جميع ما ذكر فيوافق الخبر والمعنى وبهذا قال الجمهور لكن استثنى الحنفية الحقنة وخالف في ذلك الليث وأهل الظاهر فقالوا ان الرضاعة المحرمة انما تكون بالتقام الثدي ومص اللبن منه وأورد على ابن حزم أنه يلزم على قولهم اشكال في التقام سالم ثدي سهلة وهى أجنبية منه فان عياضا أجاب عن الاشكال باحتمال أنها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها قال النووي وهو احتمال حسن لكنه لا يفيد ابن حزم لأنه لا يكتفى في الرضاع الا بالتقام الثدي لكن أجاب النووي بأنه عفى عن ذلك للحاجة واما ابن حزم فاستدل بقصة سالم على جواز مس الأجنبي ثدي الأجنبية والتقام ثديها إذا أراد أن يرتضع منها مطلقا واستدل به على أن الرضاعة انما تعتبر في حال الصغر لأنها الحال الذي يمكن طرد الجوع فيها باللبن بخلاف حال الكبر وضابط ذلك تمام الحولين كما تقدم في الترجمة وعليه دل حديث ابن عباس المذكور وحديث أم سلمة لا رضاع الا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام وصححه الترمذي وابن حبان قال القرطبي في قوله فإنما الرضاعة من المجاعة تثبيت قاعدة كلية صريحة في اعتبار الرضاع في الزمن الذي يستغنى به الرضيع عن الطعام باللبن ويعتضد بقوله تعالى لمن أراد أن يتم الرضاعة فإنه يدل على أن هذه المدة أقصى مدة الرضاع المحتاج إليه عادة المعتبر شرعا فما زاد عليه لا يحتاج إليه عادة فلا يعتبر شرعا إذ لا حكم للنادر وفى اعتبار ارضاع الكبير انتهاك حرمة المرأة بارتضاع الأجنبي منها لاطلاعه على عورتها ولو بالتقامه ثديها (قلت) وهذا الأخير على الغالب وعلى مذهب من يشترط التقام الثدي وقد تقدم قبل خمسة أبواب أن عائشة كانت لا تفرق في حكم الرضاع بين حال الصغر والكبر وقد استشكل ذلك مع كون هذا الحديث من روايتها واحتجت هي بقصة سالم مولى أبى حذيفة فلعلها فهمت من قوله انما
(١٢٧)