ابن التين سئل الشيخ أبو الحسن عن قول عائشة لو كان فلان حيا أين هو من الحديث الآخر الذي فيه فأبيت ان آذن له فالأول ذكرت أنه ميت والثاني ذكرت أنه حي فقال هما عمان من الرضاعة أحدهما رضع مع أبي بكر الصديق وهو الذي قالت فيه لو كان حيا والآخر أخو أبيها من الرضاعة (قلت) الثاني ظاهر من الحديث والأول حسن محتمل وقد ارتضاه عياض الا أنه يحتاج إلى نقل لكونه جزم به قال وقال ابن أبي حازم أرى أن المرأة التي أرضعت عائشة امرأة أخي الذي استأذن عليها (قلت) وهذا بين في الحديث الثاني لا يحتاج إلى ظن ولا هو مشكل انما المشكل كونها سألت عن الأول ثم توقفت في الثاني وقد أجاب عنه القرطبي قال هما سؤالان وقعا مرتين في زمنين عن رجلين وتكرر منها ذلك اما لأنها نسيت القصة الأولى وأما لأنها جوزت تغير الحكم فأدت السؤال اه وتمامه أن يقال السؤال الأول كان قبل الوقوع والثاني بعد الوقوع فلا استبعاد في تجويز ما ذكر من نسيان أو تجويز النسخ ويؤخذ من كلام عياض جواب آخر وهو أن أحد العمين كان أعلى والآخر أدنى أو أحدهما كان شقيقا والآخر لأب فقط أو لأم فقط أو أرضعتها زوجة أخيه بعد موته والآخر في حياته وقال ابن المرابط حديث عم حفصة قبل حديث عم عائشة وهما متعارضان في الظاهر لا في المعنى لان عم حفصة أرضعته المرأة مع عمر فالرضاعة فيهما من قبل المرأة وعم عائشة انما هو من قبل الفحل كانت امرأة أبى القعيس أرضعتها فجاء أخوه يستأذن عليها فابت فأخبرها الشاعر أن لبن الفحل يحرم كما يحرم من قبل المرأة اه فكأنه جوز أن يكون عم عائشة الذي سألت عنه في قصة عم حفصة كان نظير عم حفصة في ذلك فلذلك سألت ثانيا في قصة أبى القعيس وهذا إن كان وجده منقولا فلا محيد عنه ولا فهو حمل حسن والله أعلم (قوله الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) أي وتبيح ما تبيح وهو بالاجماع فيما يتعلق بتحريم النكاح وتوابعه وانتشار الحرمة بين الرضيع وأولاد المرضعة وتنزيلهم منزلة الأقارب في جواز النظر والخلوة والمسافرة ولكن لا يترتب عليه باقي أحكام الأمومة من التوارث ووجوب الانفاق والعتق بالملك والشهادة والعقل واسقاط القصاص قال القرطبي ووقع في رواية ما تحرم الولادة وفى رواية ما يحرم من النسب وهو دال على جواز نقل الرواية بالمعنى قال ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قال اللفظين في وقتين قلت الثاني هو المعتمد فان الحديثين مختلفان في القصة والسبب والراوي وانما يأتي ما قال إذا اتحد ذلك وقد وقع عند أحمد من وجه آخر عن عائشة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب من خال أو عم أو أخ قال القرطبي في الحديث دلالة على أن الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها يعنى الذي وقع الارضاع بين ولده منها أو السيد فتحرم على الصبى لأنها تصير أمه وأمها لأنها جدته فصاعدا وأختها لأنها خالته وبنتها لأنها أخته وبنت بنتها فنازلا لأنها بنت أخته وبنت صاحب اللبن لأنها أخته وبنت بنته فنازلا لأنها بنت أخته وأمه فصاعدا لأنها جدته وأخته لأنها عمته ولا يتعدى التحريم إلى أحد من قرابة الرضيع فليست أخته من الرضاعة أختا لأخيه ولا بنتا لأبيه إذ لا رضاع بينهم والحكمة في ذلك أن سبب التحريم ما ينفصل من أجزاء المرأة وزوجها وهو اللبن فإذا اغتذى به الرضيع صار جزأ من اجزائهما فانتشر التحريم بينهم بخلاف قرابات الرضيع لأنه ليس بينهم وبين المرضعة ولا زوجها نسب ولا سبب والله أعلم * الحديث الثاني
(١٢٠)