وغير نسيبة دنية فيقدم ذات الدين وهكذا في كل الصفات وأما قول بعض الشافعية يستحب أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة فإن كان مستندا إلى الخبر فلا أصل له أو إلى التجربة وهو أن الغالب ان الولد بين القريبين يكون أحمق فهو متجه وأما ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث بريدة رفعه ان أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال فيحتمل أن يكون المراد أنه حسب من لا حسب له فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له ومنه حديث سمرة رفعه الحسب المال والكرم التقوى أخرجه أحمد والترمذي وصححه هو والحاكم وبهذا الحديث تمسك من اعتبر الكفاءة بالمال وسيأتى في الباب الذي بعده أو ان من شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال ولو كان وضيعا وضعه من كان مقلا ولو كان رفيع النسب كما هو موجود مشاهد فعلى الاحتمال الأول يمكن أن يؤخذ من الحديث اعتبار الكفاءة بالمال كما سيأتي البحث فيه لا على الثاني لكونه سيق في الانكار على من يفعل ذلك وقد أخرج مسلم الحديث من طريق عطاء عن جابر وليس فيه ذكر الحسب اقتصر على الدين والمال والجمال (قوله وجمالها) يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة الا ان تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولى ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق (قوله فاظفر بذات الدين) في حديث جابر فعليك بذات الدين والمعنى ان اللائق بذى الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شئ لا سيما فيما تطول صحبته فامره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية وقد وقع في حديث عبد الله بن عمرو عند ابن ماجة رفعه لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن أي يهلكهن ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء ذات دين أفضل (قوله تربت يداك) أي لصقتا بالتراب وهى كناية عن الفقر وهو خبر بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته وبهذا جزم صاحب العمدة زاد غيره ان صدور ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم في حق مسلم لا يستجاب لشرطه ذلك على ربه وحكى ابن العربي ان معناه استغنت ورد بان المعروف أترب إذا استغنى وترب إذا افتقر ووجه بان الغنى الناشئ عن المال تراب لان جميع ما في الدنيا تراب ولا يخفى بعده وقيل معناه ضعف عقلك وقيل افتقرت من العلم وقيل فيه تقدير شرط أي وقع لك ذلك ان لم تفعل ورجحه ابن العربي وقيل معنى افتقرت خابت وصحفه بعضهم فقال له بالثاء المثلثة ووجهه بأن معنى ثربت تفرقت وهو مثل حديث نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأثارب وهو جمع ثروب وأثرب مثل فلوس وأفلس وهى جمع ثرب بفتح أوله وسكون الراء وهو الشحم الرقيق المتفرق الذي يغشى الكرش وسيأتى مزيد لذلك في كتاب الأدب قال القرطبي معنى الحديث ان هذه الخصال الأربع هي التي يرغب في نكاح المرأة لأجلها فهو خبر عما في الوجود من ذلك لا أنه وقع الامر بذلك بل ظاهره إباحة النكاح لقصد كل من ذلك لكن قصد الدين أولى قال ولا يظن من هذا الحديث ان هذه الأربع تؤخذ منها الكفاءة أي تنحصر فيها فان ذلك لم يقل به أحد فيما علمت وان كانوا اختلفوا في الكفاءة ما هي وقال المهلب في هذا الحديث دليل على أن للزوج الاستمتاع بمال الزوجة فان طابت نفسها بذلك حل له والا فله من ذلك قدر ما بذل لها من الصداق وتعقب بان هذا التفصيل
(١١٦)