والذي أظن أن قول الذهلي أشبه بالصواب ثم ظهر لي انه أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة فان هذا الحديث بعينه عند مسلم من طريقه من وجه آخر فهذا هو المعتمد وكأن ما عداه تصحيف والله أعلم وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طريق القاسم بن محمد عن عائشة ومن طريق زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة فله أصل من حديثهما ففي رواية للقاسم عنده جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو فقالت يا رسول الله ان في وجه أبى حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال أرضعيه فقالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد علمت أنه رجل كبير وفى لفظ فقالت إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وانه يدخل علينا وانى أظن أن في نفس أبى حذيفة شيئا من ذلك فقال أرضعيه تحرمي عليه فرجعت إليه فقالت انى قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبى حذيفة وفى بعض طرق حديث زينب قالت أم سلمة لعائشة انه يدخل عليك الغلام الذي ما أحب أن يدخل على فقالت أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة ان امرأة أبى حذيفة فذكرت الحديث مختصرا وفى رواية الغلام الذي قد استغنى عن الرضاعة وفيها فقال أرضعيه قالت إنه ذو لحية فقال أرضعيه يذهب ما في وجه أبى حذيفة قالت فوالله ما عرفته في وجه أبى حذيفة وفى لفظ عن أم سلمة أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة وقلن لعائشة والله ما نرى هذا الا رخصة لسالم فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا (قلت) وهذا العموم مخصوص بغير حفصة كما سيأتي في أبواب الرضاع ونذكر هناك حكم هذه المسئلة أعنى ارضاع الكبير إن شاء الله تعالى * الحديث الثاني حديث عائشة في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم في الاشتراط في الحج وقد تقدم البحث فيه في أبواب المحصر من كتاب الحج وقوله في هذا الحديث ما أجدني أي ما أجد نفسي واتحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشئ واحد من خصائص أفعال القلوب وفى الحديث جواز اليمين في درج الكلام بغير قصد وفيه ان المرأة لا يجب عليها أن تستأمر زوجها في حج الفرض كذا قيل ولا يلزم من كونه لا يجوز له منعها أن يسقط عنها استئذانه (قوله في آخره وكانت تحت المقداد بن الأسود (ظاهر سياقه انه من كلام عائشة ويحتمل انه من كلام عروة وهذا القدر هو المقصود من هذا الحديث في هذا الباب فان المقداد وهو ابن عمرو الكندي نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزهري لكونه تبناه فكان من حلفاء قريش وتزوج ضباعة وهى هاشمية فلولا أن الكفاءة لا تعتبر بالنسب لما جاز له أن يتزوجها لأنها فوقه في النسب والذي يعتبر الكفاءة في النسب أن يجيب بأنها رضيت هي وأولياؤها فسقط حقهم من الكفاءة وهو جواب صحيح ان ثبت أصل اعتبار الكفاءة في النسب * الحديث الثالث حديث أبي هريرة (قوله تنكح المرأة لأربع) أي لأجل أربع (قوله لمالها ولحسبها) بفتح المهملتين ثم موحدة أي شرفها والحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب مأخوذ من الحساب لانهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره وقيل المراد بالحسب هنا الفعال الحسنة وقيل المال وهو مردود لذكر المال قبله وذكره معطوفا عليه وقد وقع في مرسل يحيى بن جعدة عند سعيد بن منصور على دينها ومالها وعلى حسبها ونسبها وذكر النسب على هذا تأكيد ويؤخذ منه أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج نسيبة الا ان تعارض نسيبة غير دينة
(١١٥)