الأضداد ولولا كراهة التطويل لا وضحنا ان كل نوع من أنواع الفضائل ثابت له على أكمل الوجوه . واما القسم الثاني والثالث من اقسام الحكمة وهما الحكمة المنزلية والسياسية فقد علمت أن فائدتهما ان يعلم الانسان وجه المشاركة التي ينبغي أن يكون بين اشخاص الناس ليتعاونوا على مصالح الأبدان ونظام مصالح المنزل والمدنية وقد كان عليه السلام في ذلك العلم سباق غايات وصاحب آيات ويكفيك في معرفة ذلك منه اما على سبيل الجملة فلان الشريعة المصطفوية متضمنة لهاتين الحكمتين على أتم الوجوه وأكملها بحيث ترجع أكابر الحكماء إليها في تعلمها، ومعلوم ان أمير المؤمنين عليه السلام كان متمسكا بها ومقررا لها وباسطا لأسرارها الكلية ومفصلا لإشاراتها الجميلة ولم يغير منها حرفا ولم يقصر فيها عن غاية وذلك مستلزم ثبوتهما له على أكمل وجه وأتمه اما على سبيل - التفصيل فعليك في معرفة ذلك أنه كان أكمل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا العلم بمطالعة عهوده إلى عماله وولاته وأمرائه وقضاته من كتاب نهج البلاغة وخصوصا العهد الذي كتبه للأشتر النخعي فان فيه لطائف من تدبير أمر المدن ونظام أحوالها لا تهتدى لحسنها وإذا تأملته لم تجد عليه مزيدا في هذا الباب، هذا مع ما تواتر من رجوع المتقدمين له المعترف بحسن تدبيرهم وإيالتهم إلى استشارته في أمورهم وتعرف كيفية تدبير العساكر والحروب والمصالح الكلية والجزئية والفيئ إلى احكامه من الأخبار الكثيرة.
من ذلك قوله عليه السلام لما استشاره عمر في الخروج من المسلمين إلى غزو الروم (1):