على المعتذر، ولصعوبته خصه عليه السلام بالذكر، وفى هذه الكلمة تنبيه على التأدب بترك إعادة الاعتذار لما بيناه من الأسباب وهو المقصود الذاتي من الكلمة وهو من أشرف محاسن الكلام واجمع مكارم الآداب، والله ولى الهداية.
الكلمة السادسة قوله عليه السلام: النصح بين الملا تقريع.
أقول: النصح والنصيحة تنبيه الانسان على ما عساه غافل عنه من المصالح في أمر معاشه أو معاده، والتقريع شدة الضرب بالكلام وقوة اللائمة والتوبيخ، والمراد في هذه الكلمة تأديب الناصح بالأدب اللائق باستجلاب الانس الموجب للمحبة و الألفة الذي بينا وجوب تحصيله وذلك أن من آداب النصح اخذ المنصوح بالرفق ولين الكلام وخفض الصوت وفى أخلي المواطن واسر (1) الأحوال والتعطف (2) إليه بالكلمات البعيدة عن الامر الذي يتعلق بالنصيحة وبالتعريض دون التصريح فإنه أبلغ، وبضرب (3) الأمثال فإنه أحسن من الكشف، وبالجملة ما يبسط النفس ويضع الانس ويتدرج (4) في ذلك إلى أن ينتهى إلى المطلوب فيخاض (5) فيه، ولو كان التعريض و ضرب الأمثال في مجلس والتصريح بالمطلوب في مجلس بعده فهو أصوب، وإذا عرفت ذلك عرفت ان النصح بين الملا من جملة اضداد الرفق شديد الوقوع على ذهن المستمع مثير لقوته الغضبية منفر لطبعه لما فيه من اطلاع الخلق عليه لما احتاج إلى نصيحة (6) فيه وتقريع عليه وربما كان السبب في إثارة قوته الغضبية أعم مما ذكرنا (7) وذلك