الكلمة العشرون قوله عليه السلام: عبد الشهوة أذل من عبد الرق.
أقول: اثبات هذا الحكم ببيان أمرين:
أحدهما - ان المنقاد لشهوته ذليل أي مهين خاضع.
والثاني - ان مهانته واستجابته لشهوته أشد من مهانة عبد الرق واستجابته لسيده.
اما الأول فلا اشكال فيه إذ لا معنى لانقياده لشهوته وعبوديته لها الا خضوعه وامتهانه في يدها، والضرورة حاكمة بان المنقاد للشئ والخاضع له ممتهن في يده واما الثاني فواضح أيضا ويزيده (1) وضوحا ان خضوع عبدا لرق لمولاه وتذلله له قد يكون عن كره وعدم شهوة بل بحسب الغلبة والقهر والخوف من الأذى وحينئذ تكون الأعمال الصادرة عن ذلك كثيرا ما تكون سجعة (2) غير منظومة ولا تامة ومع ذلك لا يخلو من مشاغبة ونفرة طبع يلحقه بحسب ملال يعرض له أو بحسب شرة في طبعه بحيث لا يفي بضبطها السيد فلا يصدق معها الخضوع والامتهان والتذلل، واما خضوع المنقاد لشهوته وامتهانها له فربما خرج به إلى حد لو قطع من جلده قطعة لم يحس بها حال انقياده لها، واعتبر ذلك فيمن غلبته (3) شهوته وحكمت عليه بالوصول إلى امرأة مستحسنة ممانعة له إلى غير ذلك من المشتهيات، فتجده بحسب خضوعه لشهوته وانقياده لها ممعنا في امتهان نفسه في احكام ما يصدر عنه من الافعال واتقان (4) ما يتحرك فيه من الأعمال من غير سأم (5) ونفار ومن دون أنفة أو مراعاة حشمة وجاه، ولو كان ما يدعوه إليه الشهوة أقبح الأعمال وأشنعها كبذل اللص نفسه وماله في تحصيل الات السرقة واصلاحها والخروج بها متخفيا في ظلام الليل والأمكنة المخوفة والمواضع المخطرة التي يتيقن غيره فيها الهلاك