المحتاج إليها ويقابله الفقر بمعنين، وعلى التقديرين فإنه مقول بحسب التشكيك على جزئياته إذ منه ما هو أشد ومنه ما هو أضعف، اما العقل فقد عرفت أقسامه ومراتبه وحقائق تلك المراتب، وإذا كان كذلك فنقول: المراد من الكلمة بيان ان أشد درجات الغنى العقل، المراد بالغنى حصول الأمور المحتاج إليها ههنا، فان أعظم الأمور المحتاج إليها وأشرفها درجة في حصول الكمال بها هو العقل إذ كان سبب السعادتين وبه تنال المقاصد الكلية وبه تحصل الكمالات الحقيقية دون ما يحتاج إليه من مال وغيره، ويمكن ان يفسر الغنى أيضا ههنا بعدم الحاجة الا انا نحتاج (1) إلى زيادة اضمار إذ الاستعداد المسمى عقلا ليس بعدم الحاجة بل مستلزم لعدم الحاجة إلى حصوله بعد حصوله فيصير التقدير: أقوى درجات الغنى لازم عن حصول العقل، الا انه جعل المحمول ههنا نفس العقل لما (2) ان حمل الملزوم مستلزم لحمل اللازم واعلم: انا لا نعني ان بمجرد حصول العقل يحصل الغنى المطلق بل يحتاج إلى قيد آخر به يحصل ثمرة العقل المطلوبة من افاضته بالعناية الأزلية وهو ان يعتنى باصلاح القوى البدنية وتطويعها للقوة العاقلة وتصريفها بحسب أوامرها ونواهيها فإنك ان لم تفعل ذلك لم تخلص لذوقك حلاوة ثمرة عقلك من شوب مرارات ثمرات طاعات تلك القوى، ولم تصف لك بها لذة عن كدورات لحقت من متابعة الهوى، والله ولى توفيقنا، وإياه نستعين على قهر الشياطين، وهو حسبنا (3). الكلمة السادسة عشر قوله عليه السلام: أحمق الحمق الفقر (4).
أقول: الحمق نقصان العقل ويقال بحسب التشكيك على درجات النقصان فان