واجتنابه حتى لو كانت زمان مضى خلة حميدة تقود إلى الهدى وهي مستنكرة في الزمان الحاضر لم يلتفت في ارتكابها (1) إلى انكار منكريها بل ارتكبها وواضب عليها، ولو كان لأهل زمانة عادة أو حالة تقود إلى ردى تركها، وان كانت مستحسنة بينهم، والله ولى الإعانة على الالتفات إلى ما يرضيه (2) وهو الموفق الكلمة الخامسة قوله عليه السلام: أكرم الحسب حسن الخلق (3).
أقول: قد عرفت ان الحسب يقال بحسب الاشتراك اللفظي على ما يعد من المآثر وعلى الكفاية من المال وما يجراه مجراه. واما الخلق فقد عرفت حده وهو ينقسم إلى طبيعي يقتضيه أصل المزاج كالضحك المفرط من أدنى معجب وكالحزن والغم من أدنى شئ يعرض والى غير طبيعي يستفاد من التمرن (4) والتعود، وقد يكون مبدأه بالرؤية والفكر ثم يستمر عليه مرة ومرة حتى يصير ملكة وخلقا وعلى التقديرين فاما أن تكون تلك الحال داعية إلى أفعال الخير وايثار الجميل وهو الخلق الحسن، أو إلى عكسه وهو الخلق السئ الردي إذا عرفت ذلك فاعلم أنه يحسن تأويل الكلمة على حسب مفهومي الحسب اما على المفهوم الأول فاعلم أنه عليه السلام قد وصف حسن الخلق بأفضلية كرم ما يعد من المكارم التي تؤثر عن الانسان، وبرهان صدقه انك علمت أن أصول الفضائل الخلقية ثلاثة، الحكمة والعفة والشجاعة، ومجموعها العدالة، ثم إن الملكة التي للنفس المسماة خلقا هي الأصل الذي تصدر عنه هذه الفضائل وأنواعها ولا شك ان الأصل أشرف