الفصل الثاني في المباحث المتعلقة بالأخلاق الرضية والردية والآداب المتعلقة بها، وفيه اثنتان وثلاثون كلمة.
الكلمة الأولى قوله عليه السلام: من عذب لسانه كثر إخوانه.
أقول: العذب الماء الطيب الخالص من الشوب ويقال بحسب المجاز على كل لذيذ خالص من شائبة اذى، والمراد من اللسان ههنا الكلام كما سبقت الإشارة إليه لان جرم اللسان لا ينسب إليه الطيب والعذوبة، والاخوان الأصدقاء والأعوان، والمقصود الصريح ان من لانت كلمته للخلق وتمرن لسانه بالملاطفة الحسنة لهم بطيب الكلام والاستجابة منهم وتواضع لهم فان طباعهم تميل إليه وتشتاق إلى مصاحبته ومخالطته فيكون ذلك سببا لكثرتهم وهذه القضية من المجربات من أنواع القضايا الواجب قبولها: واما عله تلك الميول الطبيعية فاعلم أن الشهوات والنفرات الطبيعية للحيوان تكون بحسب تصور الوهم أو (1) العقل للأمور المؤذية الضارة أو (2) المريحة النافعة فان تصور الحيوان ان كذا موذ له فإنه ينبعث بسبب ذلك التصور شوق طالب لدفع ذلك الضار اما بالمقاومة أو الهرب، وان تصور ان ذلك نافع أو لذيذ فإنه ينبعث عن ذلك الادراك شوق طالب لادراك الملائمة من ذلك النافع اللذيذ وقد أعلمناك ذلك كله وبينا كيفية تحريك القوى وبعث بعضها لبعض على اختلاف طبقاتها، وإذا عرفت ذلك فاعلم أن التودد بالملاطفة الحسنة بطيب الكلام