الكلمة الثامنة عشر قوله عليه السلام: الحكمة ضالة المؤمن (1).
أقول: قد عرفت اقسام الحكمة وحقائقها، والضالة ما ضاع من البهيمة للذكر والأنثى، والايمان في اللغة التصديق، وفى عرف الشريعة عبارة عن التصديق بكل ما علم مجئ الرسول به ضرورة وهو مذهب المحققين من المتكلمين كأبى الحسن الأشعري واتباعه، (والمؤمن من اتصف بصفة التصديق) (2) ويقابله الكافر لمن لم يتحقق (3) فيه هذه الكل وعليه رأى أبي حنيفة، وعند جمهور المعتزلة والسلف الصالحين رضي الله عنهم انه اسم للمطيع. ولما كانت الطاعة عندهم (4) لا يتحقق الا باجزاء ثلاثة، التصديق بالقلب لما جاء به الرسول، والاقرار باللسان، والعمل بالأركان، كان الايمان أيضا كذلك فالمؤمن لا يستحق اطلاق هذا الاسم عندهم الا إذا تحققت فيه هذه الاجزاء الثلاثة فهي اجزاء ماهية الايمان ويقابله الفاسق لمن أخل بشئ من هذه الاجزاء إذ يمتنعون من تسمية التارك لاحدها مؤمنا لعدم ماهية الايمان منه، ويخصون اسم الكافر بتارك الكل أو (5) الجاحد ظاهرا (6) وان عمل لان العمل مترتب على التصديق وعليه الإمام الشافعي رضي الله عنه (7) من الفقهاء وإذا عرفت ذلك فاعلم أنه عليه السلام حكم بأنها ضالة المؤمن وشبهها بالضالة من وجهين:
أحدهما - ان من شأن الضالة ان صاحبها ينشدها ويطلبها ويجتهد فيها بالجعل وغيره