منها (1) بمنزلة درر (2) العقود، والامر في ذلك ظاهر، واما النحويون فأول واضع للنحو هو أبو الأسود الدؤلي، وكان ذلك بارشاده عليه السلام له إلى ذلك وكان بدؤ - ذلك أن أبا الأسود سمع رجلا يقرأ: ان الله برئ من المشركين ورسوله (بالكسر) فأنكر ذلك وقال: نعوذ بالله من الحور بعد الكور اي من نقصان الايمان بعد زيادته وراجع في ذلك أمير المؤمنين عليه السلام وقال له: نحوت ان أضع للعرب ميزانا يقومون به لسانهم فقال عليه السلام: انح نحوه، وارشده إلى كيفية ذلك الوضع وعلمه إياه. واما علماء الصوفية وأرباب العرفان فنسبتهم إليه في تصفية الباطن وكيفية السلوك إلى الحق الأول ظاهره الانتهاء إليه. وأما علماء الشجاعة والممارسون للأسلحة والحروب فهم أيضا منتسبون إليه في ذلك فثبت بما قررنا انه عليه السلام كان أستاذ الخلق وهاديهم إلى الحق وذلك وان دل على كماله في قوته النظرية فهو دال أيضا على كمال قوته العملية.
المقام الثاني انه عليه السلام كان سيد العارفين بعد رسول الله صلى الله عليه آله وذلك ببيان انه كان قد تسنم درجة الوصول وتحقيق ذلك انك علمت في الأصول المتقدمة ان الوصول إنما يحق (3) إذا غاب العارف عن نفسه فلحظ جناب الحق من حيث إنه هو فقط وان لحظ نفسه من حيث هي لاحظه لامن حيث هي متزينة بزينة الحق ثم إنه قد وجد في كلامه واشاراته ما يستلزم حصول هذه المرتبة وذلك من وجوه:
الأول - قوله عليه السلام: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، وقد عرفت ان ذلك إشارة إلى أن كل كمال نفساني متعلق بالقوة النظرية قد (4) حصل له بالفعل وذلك يستلزم تحقق الوصول التام الذي ليس في قوة الأولياء زيادة عليه.
الثاني - قوله عليه السلام مناجيا لربه: إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا رغبه في ثوابك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك، وهذا الكلام يدل على أنه عليه السلام