الكلمة التاسعة والثلاثون قوله عليه السلام: لا شفيع انجح من التوبة.
أقول: عرفت معنى الشفيع، والنجاح الظفر وقد يراد به الصواب من قولهم:
رأى نجيح اي صواب، والتوبة الاقلاع عن الذنب ويعتبر في تحققها ثلاثة قيود، أولها - ترك الفعل في الحال، والثاني - الندم على الماضي من الافعال. والثالث - العزم على الترك في الاستقبال، وقد استعمل عليه السلام لفظ الشفيع على المعنى المسمى بالتوبة مجازا من باب الاستعارة، ووجه المناسبة ان الشفيع كما يقصد ليكون وسيلة إلى استسماح (1) الجريمة كذلك التوبة عن المعصية يقصد ليكون وسيلة إلى سقوط الجريمة وعدم لحوق العقاب عليها ويكاد حسن هذا التشبيه يلحق هذا المجاز بالحقيقة حتى تكون التوبة من جملة أشخاص الشفعاء التي اطلق (2) عليها لفظ الشفيع بحسب الوضع والمقصود ان التوبة اظفر شفيع بقضاء المطلوب من كل شافع وذلك باطباق العلماء على أنها لا ترد، اما المعتزلة فيوجبون اثرها على الله، واما الحكماء فيوجبون اثرها من الله، وإذا حقق مذهب أبي الحسن الأشعري رجع إلى المذهب الثاني وان قال اثرها بفضل (3) من الله إذ (4) كان استقصاء مذهبه يعود إلى أن ذلك التفضل فيض العناية الإلهية للرحمة على نفس استعدت بالتوبة للقبول وذلك في الحقيقة واجب من الله.
واعلم أن من جزالة هذا اللفظ مع وجازته انك مخير في حمل لفظ النجح فيه على اي معانيه الثلاثة (5) شئت (6)، اما الأول فقد عرفته. اما بمعنى السرعة فلانه