فينبغي للعاقل كما يأنف ان يقال: انه عبد لمولى ان يأنف بالطريق الأولى من أن يقال:
هو رق الهوى فيتقهقر عن متابعة الشيطان ليخلص من (1) اسره، وينقاد لاثار الرحمن وينفعل عن امره، ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا (2) الكلمة الحادية والعشرون قوله عليه السلام: الحاسد مغتاظ على من لاذنب له.
أقول: قد سبق بيان ماهية الحسد، واما الغيظ فظاهر والمقصود ههنا اثبات الغيظ للحاسد في حال حسده على من لم يكن له ذنب معه وبيان ذلك انا لما ذكرنا ماهية الحسد اعتبرنا في ماهيته حركة القوة الشهوية وانبعاثها ثم إن تلك الحركة مستلزمة لحركة القوة الغضبية ودوام الغضب وثباته المسمى حقدا بدوام الامر المحسود به لتصور الأذى الحاصل من حركة القوة الشهوية في تحصيل مالا يمكنها تحصيله من حال المحسود وحينئذ يظهر لك المطلوب من هذه القضية وهو اثبات الغيظ الذي هو الغضب للحاسد في حق المحسود. واما ان غيظ الحاسد يتحقق فيمن لاذنب له مع المحسود فظاهر، إذ قد يتفق ذلك بمشاهدة الحاسد للمحسود على حاله معينة مرة واحدة، وقد يتفق الحسد بحسب السماع فلا ذنب حينئذ الا ما هو فيه من النعمة والحالة المحسود بها كقوله (3):
تعد ذنوبي عند قوم كثيرة * ولا ذنب لي الا العلى والفواضل وكقول الأمير علي بن مقرب في شكايته من قومه (4):