الكلمة الرابعة قوله عليه السلام: ما هلك امرؤا عرف قدره (1).
أقول: الهلاك في اللغة هو السقوط، وهذه القضية سالبة كليه تقديرها: لا واحد ممن عرف ربه بهالك، ينتج: لا واحد ممن عرف نفسه بهالك، اما الصغرى فقد مر بيانها، واما الكبرى فبيانها انه لما كانت السعادة الأبدية والكمال المسعد (2) هو الاتصال بالملأ الاعلى ومطالعة بهاء (3) الاسرار الإلهية والمثول بين يدي الواجب الأول، وكان ذلك الكمال هو المستلزم للسلامة المطلوبة للخلق من الهوى في قعر جهنم وحافظا لزلل - اقدام السالكين الواصلين من السقوط عن الصراط المستقيم إلى حضيض الجحيم لاجرم صحت كبرى هذا القياس وصحت بصحتها نتيجته، وهذا المطلوب وان حصل لغير هذا الصنف أعني أصحاب النوع الانساني فإنما يحصل لهم بحسب الباعث على الحركة المنبعثة في تحصيل الحد الأوسط والتفطن للترتيب، واما حصوله لمثله عليه السلام (فلا) فان قوته الشريفة البالغة غير مفتقرة فيه إلى شوق باعث على الحركة في تحصيل الأوسط بل تنساق قوته القدسية إليه طبعا فيحصل المطلوب طبعا. شعر:
ذي المعالي فليعلون من تعالى * هكذا هكذا والا فلا لا الكلمة الخامسة قوله عليه السلام: رحم الله امرء عرف قدره ولم يتعد طوره.
أقول: قدر الانسان مقداره، وقيمته في كل وقت من فضيلة يكون عليها أو رذيلة أو شرف أو خسة، أو كمال أو نقصان، وطوره حالته القولية أو الفعلية التي ينبغي ان