عنه لأنه اشتغال الانسان بما لا يعنيه، واما نسبة ذلك الاظهار إلى الله تعالى فظاهر من قولنا: انه مفيض الكل وعلة العلل، والله ولى الصواب.
الكلمة السادسة والأربعون قوله عليه السلام: اللهم اغفر لنا رمزات الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وهفوات اللسان، وسهوات الجنان.
أقول: الرمزات جمع رمزة وهي الإشارة، والألحاظ جمع لحظ وهي النظر الخفيف وسقطة القول الخطيئة فيه وجمعه سقطات وسقاط، والهفوة الزلة، والسهو الغفلة وهي التفات النفس عن الشئ حال اشتغالها بشئ آخر، والجنان القلب مأخوذ من الاجتنان وهو الاختفاء، ولما كانت هذه الأمور الأربعة في الظاهر وبالنسبه إلى من لا يعلم وجه وقوعها ذنوبا وجرائم يذم فاعلها ويعد خارجا عن مقتضى القانون العدلي (1) لاجرم كان طالبا لغفرها وهو سترها.
بيان الأول اما ان الإشارات بالألحاظ قد تكون ذنوبا فذلك كل رمز يكون وسيلة إلى ارتكاب جريمة فإنه يكون جريمة، ومثاله ما يفعله من يطلب منه ظالم تعريف انسان ليقصده بالظلم فيكره المطلوب منه التصريح بذلك بلسانه خوف الشنعة والسب الصادق والمقصود بالظلم حاضر فيرمز بلحظه إليه فينبه الظالم عليه، وكمن يرمز بلحظه تنبيها للغافل عن بعض المعاصي عليها حتى يكون ذلك سببا لركوبها، وكل ما كان وسيلة إلى ارتكاب جريمة فهو جريمة، والدال على الشر كفاعله، ودلالة الألحاظ كصريح الألفاظ.