لك سر هذه الكلمة عرفت انه مستلزم للتنبيه على ترك هذا الشغل وذلك إنما يكون بحسم سببه المذكور فإنه رذيلة يستلزم وجودها نفى فضيلة الصداقة الموجبة للاتحاد في الواحد الحق (1) الموجب لسعادة الدارين.
الكلمة الرابعة والعشرون قوله عليه السلام: لاحياء لحريص.
أقول قد علمت أن الحياء هو انحصار النفس خوف اتيان القبائح وحذرا من الذم والسب الصادق، وان الحرص المذموم هو بذل الوسع في طلب الأمور الفانية كاقتناء الأموال وجمعها والسعي في تحصيل اللذات الحاضرة الوهمية التي هي بالحقيقة دفع آلام، وإذا تصورت هذين المعنيين لاح لك وجه المضادة بينهما إذ (2) كان باذل الوسع في تحصيل ما ذكرنا (3) غير منفك عن (4) قحة وخشونة وجه يتمكن معها من المنازعات والمخاصمات والمماحكات في البيع والشراء وغيرهما من التصرفات، وإذا كان كذلك لم يتحقق في حقه حينئذ خوف اتيان القبائح ولم يكن عنده حذر من الذم، ولا مبالاة بالشتم والسب، وذلك يستلزم عدم الحياء ونفيه (5) عن محل الحرص بالكلية، ولما كان الحياء والحرص مما لا يجتمعان وعلمت ان الحياء فضيلة من الفضائل التي تحت العفة وان العفة جزء عظيم من اجزاء العدالة التي يكون بها الانسان (6) كاملا في قوتيه (7) العملية والنظرية وجب عليك أيها الأخ أن يكون بعدك من الحرص بعد حرصك على لزوم فضيلة الحياء والمحافظة عليها ان كانت موجودة فيك وان لم تكن فليكن حرصك على غسل درن الحرص لتحصيلها، والله يوفقنا وإياك لما يزلف لديه، انه جواد كريم.