كانت الشركة بينهما حاصلة في الجزاء لقوله (1) تعالى: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، ومن يشفع شفاعة سيئه يكن له كفل منها (2) وأيضا فان الشفاعة من أسباب الألفة والمحبة وقضاء الحوائج والمهمات التي هي المطلوبة من كثرة الخلق و اجتماعهم، فيكون تاركها كالكاسر لمقتضى العناية الإلهية والحكمة الربانية وذلك يدل على أن السعي فيها من القربات والوسائل إلى الخالق المعبود جلت قدرته، واما الثاني فظاهر، وبالله التوفيق.
الكلمة الثامنة قوله عليه السلام: المسؤول حر حتى يعد (3).
أقول: قد عرفت معنى الحر والمراد به ههنا الخالص من وثاق الرق ويقابله العبد، والمقصود ههنا ان المسؤول الخالص من الرق هو حر ما دام لا يعد بحاجة فإذا وعد صار الوعد من جملة أسباب استعباده، وتقرير هذا الحكم ان الانسان الموصوف بالحرية بالنسبة إلى الأمور المطلوبة منه له ثلاثة أحوال وذلك انها اما ان يبذلها أو يمنعها رأسا أو يعد بها، وعلى الوجهين الأولين هو حر، وعلى الوجه الثالث هو عبد، واطلاق العبودية عليه مجاز عن الموثوق بوثاق الرق ووجه المشابهة قد سبق بيانها في قوله عليه السلام " بالبر يستعبد الحر " ونزيدها تقريرا فنقول: لما كان من صفات العبد انه مطالب من السيد في كل وقت بما اشتغلت به ذمته من قضاء الواجب عليه من الخدم والاشغال فكذلك باذل الوعد اطلق عليه انه عبد لتحقيق هذه الصفة فيه وذلك أنه مطالب من السائل في كل وقت بما اشتغل ذمته به بقضاء الواجب عليه