عليها بالكلية فصار كل كمال لها بالقوة فعليا قد نضت تلك الأغطية وخلعت تلك الأغشية وألقت تلك الجلابيب الحسية وخلصت إلى الحضرة القدسية متصلة بالملأ الاعلى، مرتوية بالكأس الأوفى، مشاهدة لأمور تعجز عن ادراكها الأوهام وتكل عن بيانها العبارات والافهام مبتهجة بما لاعين رأت ولا اذن سمعت صادرة عن كمالاتها الحاصلة لها آثار هي المعجزات والكرامات حتى أنها لو فارقت أبدانها بالكلية لما زاد ذلك الاستغراق وتلك المشاهدة على ما كان قبل المفارقة.
ثم لما كان ولى الله أمير المؤمنين علي عليه السلام متسنما لذروة ذلك المقام رائيا ببصيرته الاسرار الإلهية مطلعا بقوته القدسية على الأطوار الورائية لاجرم صدق في مقاله الكاشف عن كماله: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، ولم يكن ذلك منه دعوى عرية عن البرهان بل دلت على صدقه اخباراته وانذاراته الصادقة ونجوم حكمه (1) الزاهرة (2) وكشفت عن حقيقة مقاله آياته الباهرة وكراماته الظاهرة، وقد أشرنا لك إلى أسباب التمكن من تلك الآيات وسنبين وقوعها منه ان شاء تعالى.
اللهم يا واهب الحياة ويا منتهى طلب الحاجات (3) أذقنا حلاوة العرفان، وملكنا ملكة التجرد عن جلابيب هذه الأبدان، وأهلنا لاستشراق سنا خواطف أنوارك، واجعل ذواتنا من أتم قوابل فيض أسرارك، وهيئ لنا من أمرنا رشدا (4).
الكلمة الثانية قوله عليه السلام: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
أقول: النوم كما يقال بحسب الحقيقة على تعطل الحواس الظاهرة عن الادراك