تلك الفضيلة لا يتم مع التقصير عنها والوقوف دونها والدخول في المهانة التي هي طرف التفريط من تلك الفضيلة؟
قلت: انه لا حاجة به عليه السلام إلى ذكر هذا القيد إذ يكون تكريرا وقد تنزهت ألفاظه الا عن الوجازة المستلزمة للجزالة، إذ المعنى الذي أردت واليه قصدت مذكور في الكلام مدلول عليه بطريق الالتزام، وذلك أن استنزال الرحمة لمن يتجاوز هذه الفضيلة يستلزم النهى عن تجاوزها، والنهى عن التجاوز مستلزم للامر بالوقوف عندها، وهو مستلزم للامر بطلبها وعدم الوقوف دونها فلا جرم ذكر عليه السلام هذا القيد ولم يذكر ذلك، والأول أظهر، والله ولى التوفيق.
الكلمة السادسة قوله عليه السلام: قيمة كل امرء ما يحسنه (1).
أقول: القيمة يقال بحسب الحقيقة على ما يقوم مقام الشئ ويعوض عنه وهو الثمن ويقال بحسب المجاز على الأمور التي تكتسبها النفس الانسانية من الهيئات كالعلوم والأخلاق الفاضلة واضدادها، ووجه المجاز ان التفاوت كما أنه حاصل في قيمة الشئ بحسب تفاوت جوهر المثمن في الجودة والرداءة والشرف والخسة، وبحسب تفاوت انظار أهل - التقويم ورغبات الطالبين كذلك هو حاصل فيما يحسنه الانسان مما هو مكتسب له من تلك الهيئات كالاعتقادات المختلفة، فمنها علوم موصولة إلى السعادة الأبدية، ومنها اعتقادات