ظاهرة وباطنة وجب أن نبحث (1) عن ماهية الادراك وأقسام المدركات.
البحث الثاني في ماهية الادراك ادراك الشئ هو أن تكون حقيقته متمثلة عند المدرك يشاهدها ما به يدرك (2) والمراد بتمثل الحقيقة عند المدرك حضور مثال الحقيقة في ذات المدرك ان لم يكن ادراكه بتوسط آله، أوفى آلته إن كان الادراك بتوسط الآله: وبيان ذلك أن الحقائق المدركة اما كليات أو جزئيات، اما الكليات فالمدرك العقل بذاته فقط من دون توسط آله، واما الجزئيات وان أدركها العقل لكن لا بذاته بل بتوسط ادراكات جزئية لقوى أخرى هي آله له (3) وهي المسماة بالحواس ولكل واحد منها أيضا آلة فحيث حصل مثال الشئ المدرك في آلة الحس ولاقاه وشاهده فتلك المشاهدة هي الاحساس والادراك والمثال الحاصل في آلة الحس هو المحسوس في الحقيقة واما تسمية الشئ الخارجي الذي حصل مثاله في آلة الحس محسوسا فمجاز لكونه سببا لحصول هذا المثال وإنما يكون سببا عند حصول نسبة وضعية بينه وبين آلة الحس بحيث لو لم يكن لم يحصل الاحساس، واعتبر عدم (4) تلك النسبة إلى حس ابصارنا كالأجسام الغائبة فانا لعدم تلك النسبة لا ندركها بحس البصر، وفى تحقيق ماهية الادراك وانه حضور مثال الحقيقة في ذات المدرك أو في آلته أو أمر أعم مكن ذلك غموض يحتاج إلى بحث لا يحتمله موضعنا.
البحث الثالث في الحواس الظاهرة وهي خمس فالأول حس اللمس ورسمه انه قوة منبثة في جميع البشرة واللحم بها يدرك ما يماسه ويتصل به،