وأكرم (1) من الفرع، واما على المفهوم الثاني فهو ان حسن الخلق لما كان منبعا لأصول الفضائل المذكورة كان أكرم كفاية تكون إذ (2) كان كفاية الجزء الباقي من الانسان وكان المال كفاية للجزء (3) الحيواني الفاني منه، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا (4).
وفى هذه الكلمة تنبيه على مراعاة حسن الخلق إن كان موجودا، وعلى الاجتهاد في اكتسابه إن كان مفقودا، إذ بينا انه قد يكون مكتسبا وان اكتسابه ممكن وذلك أنه منشأ لجماع مكارم الأخلاق والفضائل التي هي سبب للسعادة الباقية، والله ولى الهداية.
الكلمة السادسة قوله عليه السلام: لا ظفر مع البغى.
أقول: الظفر الفوز بالمطلوب بغلبة عدو وغيره، والبغي الظلم وحقيقته انه ضرار غير مستحق للتوصل إلى كثرة المقتنيات من حيث لا ينبغي والمقصود ان من قهر خصمه على سبيل ظلم لم يعد في الحقيقة ظافرا به، وإن كان قد يطلق ذلك بحسب العرف، وذلك لان (5) الظفر الحقيقي إنما يكون بمطلوب مستحق فان المطلوب الغير المستحق وان حصل للطالب الا انه في قوة المنتزع وكيف يكون ظفر وفى مقابلته الذم العاجل بألسنة الخلق أجمعين من بعد لسان الوحي: الا لعنة الله على الظالمين (6) مع أن ذلك قد يكون مقربا لأجل الظلم لمقابلة بقائه ودفعه باجتماع همم الصالحين كما جاء في الأثر: الظالم قصير العمر، مع النتيجة الكبرى والطامة العظمى وهو حرمان الرضوان لتحقق الوعيد الصادق في حقه: والظالمين أعد لهم عذابا أليما (7) والظالمون مالهم من ولى ولا نصير (8)، إلى غير