الانسان يشرف وتشتد شوكته وتكثر إخوانه وأعوانه وأحباؤه، الصادر كل ذلك عن تواضعه ولين جانبه وكرم أخلاقه وطيبها في حقهم المعبر عنه في الكلمة بلين العود حتى يتصلوا (1) به اتصال الأغصان ويعظم بهم عظم الشجرة بأغصانها الملتفة الكثيفة، واما صحة الملازمة فأمر ظاهر معلوم بالتجربة والله ولى التوفيق.
الكلمة الثالثة قوله عليه السلام: بشر مال البخيل بحادث أو وارث.
أقول: اطلاق البشارة ههنا مجاز من باب اطلاق أحد الضدين على الاخر والبخل هو طرف التفريط من الرذيلتين اللتين هما طرفان للوسط الذي هو السخاء وقد عرفته، واما سببه فحكم الوهم بان في بذل المال مضرة تلحقه فيكون ذلك سببا لحركة القوة الشهوية إلى جمعه فتحرك بسببها الآلات إلى الجمع والتحصيل وقد يختلف بالشدة والضعف بحسب اختلاف ذلك الادراك فيهما فمن النفس (من هو) مستعد بحسب أصل مزاجه وجبلته لقوة هذا التوهم (2) الموجب لتحريك تلك القوة، ومنهم من يعرض له ذلك بحسب حدوث استعداد قوته الوهمية لادراك سببه الوهمي، وههنا دقيقة وهي ان تخصيص مال البخيل بهذه البشارة المجازية المستلزمة لانذاره لا يدل على أن مال الجواد ليس كذلك فان أحد الامرين المبشرين بها لابد منه في المالين وقد عرفت ان تخصيص الشئ بالذكر لا يدل على نفيه عما عداه، وقد ورد في كلامه عليه السلام بلفظ آخر ما يعم البخيل وغيره فقال: لكل امرء في ماله شريكان، الحادث والوارث (3) لكن لابد من فائدة يستلزمها هذا الحكم وهي الإهانة للبخيل إذ كان قد استعمل لفظ التعظيم في الإهانة كقوله