الدالة عليها يصير للسان انفعال وتطويع لأوضاع تلك الألفاظ فيصير أسهل واخف فيه من سائر الألفاظ ويصير له ميل طبيعي (1) بحسب ذلك التعويد والتطويع إلى تلك العبارة وذلك هو الاقتضاء لما تعوده ان خيرا فخير وإن شرا فشر (2) وإن كان الاقتضاء الحقيقي إنما هو اقتضاء النفس لتلك التصورات التصديقات الصادرة عن الملكة الحاصلة لها لكن لما كان في هذه الكلمة قصد إلى التنبيه على قبح الكلام القبيح والنهى عن التخلق والميل إلى مالا ينبغي ان يتكلم به وحسن الكلام الحسن النافع والامر بملازمة ما يحسن التكلم به وينبغي، وكان هذا الحسن والقبح والامر والنهى مما رسخ في الاعتقادات وانطوت عليه الضمائر الا انه ربما غفل عنه لسبب ما فيحتاج إلى تنبيه للسامع على ما عساه غلبه عليه هواه فيتقهقر عن التكلم القبيح لاجرم ذكر اقتضاء اللسان لما تعود من الكلام دون غيره، والله الموفق.
الكلمة الثانية والثلاثون قوله عليه السلام: لا صحة مع النهم أقول: النهم افراط الشهوة في الطعام وهو جزئي من جزيئات الشره إذ كان الشره عبارة عن طرف الافراط من فضيلة القوة البهيمية وهي القوة الشهوية وقد عرفته، والصحة العافية والمقصود الأصلي ههنا هو التنبيه على وجوب ترك رذيلة النهم وذلك ببيان ان الصحة لا تجامعه والصحة من أعظم المطالب وأهمها ويجب ترك ما لا يجتمع معه فاما بيان ان الصحة لا تجامع النهم فاعلم أن الأطباء قد اتفقوا على أن الامتلاء من الطعام إلى حد يخرج عن الواجب في اصلاح البدن مولد لأمراض كثيرة مخوفة لا يخلو البدن عند الامتلاء الكثير من أحدها ولنذكر منها عدة مما ذكروها أحدها الحميات المركبة لتعفن (3)