المتجاذبة إذ كان معلما بهذه الكلمة انه كيف ينبغي ان يستعمل الانسان اظهار الحق فإنه لما ثبت ان الكاتم للحق الغير العامل به بالكلية مع تمكنة من استعماله في بعض موارده أو في كلها هالك فكذلك ينبغي ان يعلم أن المجاهر بالحق بالكلية والمقابل له أباطيل الجهال وأغراضهم الفاسدة هالك، فلم تبق السلامة الا في مزج الاظهار بالاخفاء وخلط - المجاهرة بالرفق وضرب الخشونة باللين والترخيص (1) لهم بالسكوت عنهم عند شوب الحق بالباطل مرة والعزم عليهم والقيام في وجوههم في نصرة الحق مرة بحسب ملاحظة العقل (2) للمصالح الجزئية المتعلقة بشخص شخص ووقت وقت، والله ولى التوفيق.
الكلمة الخامسة والثلاثون قوله عليه السلام: إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة.
أقول: الاملاق الفقر والحاجة، والمتاجرة المعاملة في التجارة والمقصود في هذه الكلمة الحث على العبادة المخصوصة التي هي الصدقة عند الاحتياج بما يمكن فان للصدقة ولو بشق تمره حظا عظيم النفع في الدارين وبها تحصل الأعواض التي لا تقابل بالشكر ولا يحصيها العد والحصر.
اما في الأولى (3) فلان المملق المحتاج إلى التيسير من العيش يكون في الغالب شره النفس محافظا على ما يحصل في يده لشدة حاجته إليه وخوفه ان لا يقدر على مثله فإذا فرضنا انه يتصدق به أو ببعضه (4) مع ما به من الحاجة إليه دل ذلك منه على اشتماله على ملكة العفة التي عرفت ان بها يكون استعداد النفس لاستجابة ثمرات الأدعية وقبول - ابتهالاتها في المطلوبات الممكنة. وأيضا فان النفوس إلى مثل صاحب هذه الصدقة كثيرة - الانجذاب، والميول الطبيعية إليه متداعية وخاصة إذا عرف بذلك واشتهر به فكثيرا ما