عما سميناه صورة شخصية ووجهه المناسبة بينهما ان الصورة الشخصية لما كانت سببا يعرف به كل شخص شخصا (1) ويميز الرائي بها (2) بعض الاشخاص عن بعض ويستثبتها خياله كذلك الأدب هو سبب يوضح أمر صاحبه ويستبدل بوجوده فيه على وجود استعداده للنفحات الإلهية الذي هو عقله، وبتفاوته يستدل على تفاوت العقول ومغايرة بعضها لبعض كما يستدل بتفاوت الصور في حسنها وقباحتها على اختلاف الاشخاص وتغايرها. وإذا لاح وجه التجوز الحسن ونظرت إلى المعنى المجازى المستحسن فقد أشرفت من (3) مصدرها (4) على بحر لا يعام وأدركت صورة غاية لا ترام، وفى هذه الكلمة تنبيه على وجوب لزوم قانون الأدب الكاشف عن وجود معنى العقل والمقرر له، والله يختص برحمته من يشاء (5) وهو الموفق.
الكلمة الثامنة عشر قوله عليه السلام: اليأس حر والرجاء عبد.
أقول: الرجاء توقع حصول المطلوب، واليأس عدم الرجاء عما من شأنه أن يكون راجيا ثم نقول: ليس المقصود ان اليأس نفسه له صفه الحرية ولا الرجاء له صفه العبودية بالحقيقة بل الراجي والآئس فإذا اطلاق هذين اللفظين على معنى اليأس والرجاء بحسب المجاز من باب اطلاق اسم المتعلق على المتعلق والمقصود بيان ان الراجي لأمر ما اما من الله تعالى أو من أحد من أبناء النوع لا يزال ما دامت نفسه منتظرة لذلك المرجو خاضعا للمرجو منه متذللا له، ذابا عنه ساعيا في مصالحه مجتهدا في ارضائه بكل أنواع الرضا ويظهر الملق والتودد، ويحتمل (6) المشاق في المساعى من الذم وغيره حتى تجده في رجائه من عالم الخفيات والسرائر امرءا يبتهل ويدعو ويكثر زيارة المساجد ومواضع القرب