لا لقصور من مفيضها، فإنه برئ عن النقصان أجود الأجودين، فيضه تام وكرمة عام بل لا نسبة لجود إلى جوده ولا اضافه لكرم عبد إلى كرمه بل لعدم امكان القابل لتقصيره في السعي إلى تحصيل أسباب ذلك الامكان كالتضرع والدعاء والشكر والثناء، واما نسبة التنفير إليهم فلأنهم بقلة شكرهم سبب للنفار بوجه عرضى كما علمت فلا جرم نسبه إليهم.
واعلم أنه يتوجه ههنا أيضا ان نورد الشك المذكور في الكلمة التي قبلها وهو ان ما علم الله تعالى وقوعه أو عدم وقوعه كان معلومه واجبا فلا فائدة حينئذ في الشكر والثناء لأنك (1) قد عرفت وجه الجواب هناك وهو ان الثناء والشكر جاز أن يكون مشروطا في الدوام والاتصال كما قررناه وقد علمت أن الشكر كيف هو سبب لاستنزال (2) المنن الإلهية وعلة لاتصالها ودوامها واليه الإشارة بقوله تعالى: لئن شكرتم لأزيدنكم (3) والى سببية انقطاعه وقلته لانقطاع النعم واستحقاق العذاب لتدنس النفس بالاشتغال بأضداده والاعراض عنه أشار بقوله: ولئن كفرتم ان عذابي لشديد (4) وقال تعالى: ومن شكر فإنما يشكر لنفسه (5) اي ان منفعة الشكر عائدة على نفسه من الاستعداد للإفاضات الخيرية واشكروا لله ان كنتم إياه تعبدون (6) فالشكر من تمام العبادة التي بها تكون النفس طاهرة مستحقة لرضوان الله، ومن الله الهداية إلى طلب ما يرضيه، انه ولى التوفيق الكلمة الثالثة والثلاثون قوله عليه السلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق الأطماع.
أقول: يقال: صرع فلان فلانا إذا غلبه ورمى به إلى، الأرض والمصارع جمع