والسب الصادق والذم الفاحش بين الخلق ويأنس ولا يبقى له انكار ولاله منه نفار بل ربما تزيى بزي النساء اللاتي هن (1) محل الوطي بأصل الطبيعة، واستحسن ذلك والفه، وإذا كان كذلك لم تنحصر نفسه خشية من الذم وحذرا من اتيان القبيح أشنعه واشتهاره به عن رضى ومحبة، وحينئذ تحصلت له وقاحة الوجه والعين واللسان لامتداد الروح النفساني عند المواجهة بالقبيح ولا يزال ذلك يتزايد بحسب التعويد وطول المواجهة حتى لا يبقى له استشعار خوف من (2) ذم، والا انفعال عن مواجهة بشتم، فقد ظهر لك لزوم قلة الحياء للاتيان المخصوص في المحل المذكور، واما البذاءة فلازمة لقلة الحياء، ولما كانت هذه الرذائل والظلام (3) العارض من عدم هذه الفضائل مهروبا منها وكان ذلك الفعل هو السبب في لزومها كانت هذه الكلمة مشتملة على التنبيه للحذر من قربه والبعد عنه ما أمكن، والله المستعان.
الكلمة الحادية والعشرون قوله عليه السلام: السعيد من وعظ بغيره.
أقول: السعادة في اللغة هي اليمن والمراد بها ههنا حصول الانسان على الكمال الذاتي له، والاتعاظ الانزجار عما يبعد عن الحضرة الإلهية وينافى الكمال المطلوب، واعلم أن هذه القضية في تقرير متصلة وهي: من وعظ بغيره فقد سعد، وبيان الملازمة انا بينا ان العلل العالية الفياضة بالخيرات ليس في جانبها نقصان ولا ينسب إليها تقصير وحرمان بل الأصل في عدم حصول الكمال وتأخره هو نقصان المستعد في ذاته أو (4) عدم استعداده لمطلوباته حتى إذا تم استعداد النفس لأمر يوجب فيضه من علته التامة وإذا كان كذلك فاعلم أن الاتعاظ هو انزجار النفس عن متابعة قواها البدنية التي هي شياطينها (5) حتى لا ترد