وردعها عما تميل إليه بطباعها وقهرها بيد القوة العاقلة وتصريفها على قانون العدل إذ كان الشرف وسوء الأدب مما لا يجتمعان، والله ولى المن والاحسان الكلمة الخامسة والأربعون قوله عليه السلام:
ما اضمر أحدكم شيئا الا أظهره الله في فلتات لسانه وصفحات وجهه.
أقول الاضمار كتمان السر وغيره في الضمير وهو الذهن والعقل، والفلتات جمع فلته وهي وقوع الامر بغته من غير اختيار ولا ترو وتدبر، وصفحات الوجه جوانبه والمقصود ههنا بيان ان الاعتقادات التي يضمرها الانسان ويحافظ عليها ويراعى سترها عن اطلاع الغير عليها لمصالح متصورة ومقاصد اختيارية سواء كانت نافعة أو ضاره فإنها وان بولغ في مراعاة حفظها واجتهد في عدم اطلاع الغير عليها لا بد وان تظهر، ثم إنه عليه السلام نبه على سببين من أسباب الظهور وحكم بأنه لابد وان تظهر بأحدهما مع تلك المحافظة:
أحدهما - فلتات اللسان وذلك أن النفس وإن كان لها عناية بحفظ ذلك لكنها قد تنصرف إلى مهم (1) آخر فتنفعل حينئذ عن ملاحظة وجه المصلحة في كتمانه وسبب وجوب ستره فتنفلت (2) المتخيلة من أسر العقل العملي فتلوحه وتبعث الشهوة إلى التكلم (3) به من غير أن يكون للنفس شعور بشعورها به، وذلك معنى كونه فلتة، وقد يصدر الكلام فلتة على وجه آخر وذلك أن يتلفظ المضمر بكلام يكون مستلزما للايماء أو التنبيه على