يكون ذلك أيضا سببا لادرار الأرزاق عليه وعلة لدفع (1) الصلات (2) والمنح إليه، وقد علمت أن من تاجر الله لم يخسر.
واما في الأخرى فلان صاحب هذه الصدقة مع ما فرضنا (3) من حاجته إليها إذا بذلها كان ذلك دليلا على معرفته بأنه لا متاجرة أربح من متاجرة الله وذلك مستلزم لمعرفته بالله ومع ذلك فقد استعدت نفسه بسبب قهرها للقوة الشهوية وضبطها لها عن الضنة بما بذله مع حاجته إليه ومقاومتها وكسرها عن الشره (4) في المشتهيات لقبول أنوار عظيمة ونعم جسيمة لا يقاومها شكر، واليه الإشارة بقوله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون (5) وقوله تعالى: ان تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم (6) وقوله تعالى: وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون (7) وأمثال هذه الإشارات كثيرة في القرآن والسنة، ومع ذلك فان فيها من تحصيل الانس الموجب للمحبة بين الخلق المطلوبة منهم بالعناية الإلهية لتحصيل السعادتين واستكمال درجة الفوز ما لا يخفى، والله الموفق.
الكلمة السادسة والثلاثون قوله عليه السلام: من جرى في عنان أمله عثر بأجله.
أقول: أراد بالجري في عنان الامل تطويل الآمال المستلزمة لقلة الالتفات إلى القبلة الحقيقية والمطالب العلية، والعثور بالأجل الوقوع في الوقت الذي علم الله تعالى فيه مفارقة النفس للبدن (8) وهي الضرورة المسماة بالموت، فأسند عليه السلام العنان إلى