ذلك سببا لكمال القوة العاقلة يتمكن معه من قهر قواها البدنية وجذبها لها إلى المسالمة والمساعدة على تحصيل المطلوبات الحقيقية. واما الكبرى فبيانها ما سبق في الرواية الأولى وبتقدير صحة الرواية تكون هذه الكلمة صالحة الدخول في القسم الأول وفيها تنبيه على وجوب الاتعاظ فان السعادة لما كانت هي المطلوب (1) بالذات وكان الاتعاظ وسيلة إليها لاجرم كان واجبا، والله ولى التوفيق.
الكلمة الثانية والعشرون قوله عليه السلام: رب امل خائب.
أقول: الامل هو الرجاء، والخيبة عدم حصول المطلوب بعد السعي فيه، والمقصود من هذه الكلمة التنبيه على وضع الآمال مواضعها كما ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي فان فيها ما هو خائب وان وجهه الامل مذلا (2) فيه نفسه وقد علمت أن أعظم السعي خيبة ما كان سعيا واملا للأمور الفانية التي تفنى لذتها وتبقى حسرتها فنح أيها الأخ شهوتك جانبا وحدق بعين بصيرتك إلى أين تضع أملك فإنك ستراه إن شاء الله. واما تصديره عليه السلام للكلمة برب المقتضية للتقليل فلان الامل لما كان في الغالب إنما يوجه الآمال إلى الأمور الممكنة في حقه والتي يكون متأهلا لها إذ ما لا يتصور امكانه في حقه ولا تأهله له لا يكون املا له وإذا كان في الأغلب مستعدا لما يأمله كان ظافرا بحصوله بحسب تأهله له سواء كان ذلك الامل بالنسبة إلى الله تعالى أو إلى أحد من أبناء النوع، اما بالنسبة إلى الله تعالى فواجب عند تأهل الامل لمطلوبه ان يظفره به ويفيضه عليه لما ان الجواد المطلق لا توقف (2) فيه الاعلى تمام القابل في قابليته، واما بالنسبة إلى أبناء النوع وان كانت أسباب الخيبة من القابل والمقبول منه كثيرة ولكن الأغلب عند الاجتهاد من الامل وتأهيل