الكلمة الحادية والثلاثون قوله عليه السلام: لسانك يقتضيك ما عودته (1) أقول الاقتضاء ههنا طلب الشئ والميل إليه واللسان اللحمة المخصوصة وقيل بيان المقصود نذكر الفائدة من وجوده فنقول: انك قد علمت في ما سبق ان الانسان الواحد لا يمكنه ان يستقل باصطناع جميع ما يحتاج إليه بل لا بد من جمع عظيم ليعين بعضهم بعضا حتى يتم لكل واحد منهم ما يحتاج إليه، ومن ضرورة هذا الاجتماع الحاجة إلى أن يعرف كل واحد منهم صاحبه ما في ضميره من الحاجات المطلوبة له، وذلك التعريف لابد فيه من طريق فاقتضت العناية الإلهية وضع الآلة المخصوصة ووضع الألفاظ المركبة من الأصوات والحروف المتولدة من حركات هذه اللحمة المخصوصة على أوضاع مخصوصة فعرفت حينئذ وجه الحاجة الضرورية إلى وجودها وهو الاعراب عما في النفس من الأغراض.
وإذا عرفت ذلك فنقول: لما كانت الألفاظ إنما وضعت بإزاء ما يتصور من المعاني الذهنية التصورية والتصديقية لتكون دالة على ما وجد منها هناك وكان الغالب ان تلك التصورات والتصديقات التي تقصد النفس التعبير عنها صادرة عن ملكات اما فاضلة كالهيئات والأخلاق الفاضلة والاعتقادات الحقة بحيث يقصد بالتعبير عنها اصلاح أمر معاشي أو معادى أوردية كالراسخ من أضداد ما ذكرنا بحيث يقصد بالتعبير عنها مجرد الأذى للغير وخبيث (2) الكلام وسخيفه والسب واللعن والغيبة وغير ذلك فإذا كانت صادرة عن ملكات فلا شك انها تكون دائمة الحضور (3) في الذهن فيكون التعبير عنها أكثريا في الألفاظ وبسبب كثرة التعبير عنها وتكررها في الوجود اللساني وتمرين اللسان بالعبارة