باسم العارف، وقد يتركب بعض هذه الأحوال مع بعض تركبا ثنائيا وثلاثيا فالأول زاهد عابد، زاهد عارف، عابد عارف، واما الثاني فتركب (1) واحد.
البحث الثاني في أنه كيف يكون الزهد والعبادة مؤديين إلى المطلوب الذاتي الزهد والعبادة من الأمور المتممة لأغراض المعنى المسمى بالرياضة فلنبين أولا معنى الرياضة وكيفية تأديها (2) إلى المطلوب، اما الرياضة في اللغة فهي تمرين البهيمة على الحركات التي ترتضيها (3) الرائض بحسب مقتضى اغراضه وتعويدها بها، ويستلزم ذلك منعها عن الحركات التي لا ترتضيها، ولما كانت النفس الحيوانية التي هي مبدأ الادراكات والحركات الحيوانية قد لا تكون مطيعة للنفس العاقلة بأصل جبلتها لاجرم كانت بمنزلة البهيمة التي لم ترض، تقودها الشهوة تارة والغضب أخرى بحسب إثارة الوهم والمتخيلة لهما عما يتصورانه إلى ما يلائمها فتتحرك حركات مختلفة حيوانية بحسب اختلاف تلك الدواعي فتستخدم حينئذ القوة العاقلة في تحصيل اغراضها فتكون هي الامارة بالسوء، أما إذا قويت النفس العاقلة على قهر تلك القوة ومنعها عن الحركات والافعال الباعثة للقوة الشهوية والغضبية وطوعتها بحسب ما يقتضيه العقل العملي إلى أن تصير متأدبة في خدمتها مؤتمرة بأوامرها منتهية عن مناهيها كانت العاقلة هي المطمئنة التي تصدر عنها الافعال المنتظمة وكانت باقي القوى بأسرها مؤتمرة مستخدمة متسالمة (4 منقادة، ثم إن بين كون هاتين القوتين غالبة ومغلوبة مطلقا حالة تكون القوة الحيوانية فيها متابعة لهواها خارجة عن طاعة القوة العاقلة ثم تفئ إلى الحق وتلوم نفسها على ذلك الانهماك فتسمى لوامة، والى القوى الثلاث أشير في الكتاب العزيز، ان النفس لامارة بالسوء (5) يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك (6) ولا أقسم