الاعتبار كان كمالا والثاني كونه مؤثرا وبهذا الاعتبار كان خيرا وإنما قلنا: من حيث هو كذلك، لان الشئ قد يكون كمالا وخيرا من جهة دون جهة واللذة بالشئ إنما يكون من جهة كونه كمالا وخيرا فلذلك وجب ذكرها، وإنما قلنا: ولا شاغل لان اللذيذ قد يصل ولا يلتذ به لوجود الشاغل كما في حق الممتلئ من الطعام جدا إذ لا يلتذ بما يحضره من طعام، وقولنا: ولا مضار لان الذي قد يصل ولا يلتذ به لوجود ضده كما في عليل المعدة ومن تغيرت عذوبة رطوبة ذوقه بغلبة المرارة فان الحلو يصل إليه فلا يلتذ به وإذا عرفت معنى اللذة عرفت ان الألم ما يقابلها وهو ادراك لوصول ما هو عند المدرك آفة وشر من حيث هو كذلك ولا شاغل ولا مضاد للمدرك وشرح هذا الرسم بين من الأول.
البحث الثالث في اثبات اللذة العقلية للنفوس الانسانية لاشك ان للجوهر العاقل منا كمالا (1) وهو ان يتمثل فيه جلية (2) الحق الأول بقدر ما يستطيعه إذ تعقل الأول كما هو غير ممكن الا له (تعالى) ثم ما يتجلى له من صور معلولاته المرتبة إلى آخر الوجود تمثلا يقينيا بريئا عن شائبة الظنون خالصا عن مخالطة الأوهام على وجه لا يكون بين ذات العاقل وبين ما يتمثل فيها تمايز أصلا بل يصير عقلا