لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون (1) لعدم مطابقة أقوالهم اللسانية لما انطوت عليه ضمائرهم من العقائد الفاسدة فالكذب حينئذ ثلث النفاق وهو أقوى الاجزاء فسادا لتعدى ضرره الواقع منه إلى الغير دون الجزئين الباقيين وعلى ذلك يحمل قول النبي صلى الله عليه وآله، الكذب رأس النفاق. وقد (2) تنبهت أيها الأخ مما ذكرنا على وجوب انجاز المواعيد لتخلص به إلى الحرية من رق من وعدت فان هذا الرق أعظم وأقوى لتعلق الذنب بالآخرة دون الرق الحقيقي واليك الاعتبار (3) والله ولى التوفيق.
الكلمة التاسعة قوله عليه السلام: أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة.
أقول: المكيدة فعيلة من الكيد وهو الاحتيال والخداع، والمقصود في (4) هذه القضية بيان ان كل من كان من الأعداء اخفى كيدا وادق نظرا في الاحتيال كان أكبر الأعداء أي أعلاهم درجة في العداوة وأولى بالتحفظ منه من سائر الأعداء، وبرهان هذا الحكم انك فد عرفت ان العداوة بغض صادق يهتم معه بجمع الأسباب المؤذية للمبغوض ومحبة أفعال الشرور التي يمكن فعلها به وإذا كان كذلك فنقول: كل من كان أقدر على اخفاء الحيلة والخداع كان أقدر على تحصيل الأسباب المؤذية لعدوة و كل من كان كذلك كان أعظم الأعداء وأكبرهم مكيدة ينتج ان كل من كان اخفى حيلة كان أعظم الأعداء وأكبرهم، واما الصغرى فظاهر إذ كان المتجاهر بالحيلة في اذى عدوه قلما يظفر به لاطلاع العدو على كل ذلك واحترازه منه، واما الكبرى فلانه لا معنى لأكبر الأعداء الا من كان أقدر على النكاية والانتقام فقد صحت هذه القضية بالبرهان.