نفسه لذلك المأمول يقع ذلك المأمول ولذلك قيل (1) من اجتهد وجد وجد، والتوصل إلى الأمور الممكنة في الأغلب ممكن وإن كان على عسر، وحصولها وإن كان على بعد جائز، وإذا كان كذلك كان خيبة الآملين أقلية الوجود بالنسبة إلى ظفرهم بمطلوباتهم، واما أسباب تلك الخيبة فأمور جزئية وأسباب قضائية لا تضبطها قوى البشر وان عد الامل في أنظارهم مستحقا والمأمول منه في العرف والعادة جوادا فلذلك صدر القضية برب المفصحة عن الاخبار بأقلية خيبة الآملين، ربنا لا تجبهنا (2) بخيبة امالنا، ولا تفضحنا بسوء أعمالنا، وأفض علينا رياح رحمتك، وأذقنا برد عفوك وحلاوة مناجاتك، انك أنت الوهاب.
الكلمة الثالثة والعشرون قوله عليه السلام: رب طمع كاذب.
أقول: قد عرفت ماهية الطمع، واما الكذب فقد يطلق على مالا يطابق من اخبار (3) القائل اعتقاده وعلى ما لا يطابق من الاعتقاد (4) معتقده فيقال: ظن كاذب ووهم كاذب، ولما كان الطمع مستلزما في بعض الصور ظن حصول الشئ المطموع فيه اطلق عليه انه كذب اطلاقا لاسم (5) اللازم على ملزومه والمقصود ههنا بيان أقلية الطمع الكاذب بحسب المطابقة والحث على وضع الأطماع مواضعها بحسب الالتزام وهو المقصود الذاتي، بيان الأول ان الطمع في الغالب إنما يتوجه نحو أمر ممكن ممن يؤهل نفسه لتناوله وكان اعتقاد حصوله تارة يكون علما وتارة يكون ظنا وتارة يكون وهما، وكان الاعتقاد العلمي لا كذب فيه وكان الأغلب في الظن ان (6) لا كذب فيه وكان الوهم أيضا قد يطابق لا جرم