الكلمة الحادية عشر قوله عليه السلام: لا زيارة مع زعارة. أقول: الزعارة بتشديد الراء شكاسة (1) الخلق، والمراد بيان ان الزيارة لا تحصل ولا تصدق مع شكاسة الأخلاق سواء كانت من طرفي المتزاورين أو من طرف أحدهما فإذا هما أمران متضادان بيان ذلك أن الزيارة الصادقة إنما تكون بين المتؤانسين (2) المتحابين وقد عرفت ان رأس أسباب الألفة والانس هو حسن الخلق الذي يحسن معه المعاشرة فإذا كان محل الأخلاق الفاضلة مشغولا بأضدادها وهي الأخلاق الشكسة (3) وهي سبب عظيم لتنفير (4) طباع الخلق الذي هو سبب التفرقة والتباين بينهم كان ذلك سببا لقطع الزيارة وامتناعها منهم، وتحققت حينئذ ان الزيارة مع شكاسة الأخلاق مما لا يجتمعان.
وفى هذه الكلمة تنبيه على وجوب ترك الزعارة لان الزيارة لما كانت مأمورا بها لما انها سبب المحبة المطلوبة من الشريعة ومحرض (5) على القيام بها ومداومتها لتحصيل الوداد وكان وجود الزيارة منافيا لوجود الزعارة كان وجوب الزيارة والامر بها مستلزما للنهي عن ارتكاب الزعارة ولوجوب تركها، والله ولى التوفيق.
الكلمة الثانية عشر قوله عليه السلام: لا مروة (6) لكذوب (7).
أقول: المروة فضيلة للنفس بها يكون الترفع والاحتشام عن مواقعة (8) القبيح