فإنما يكون في تحصيل النافع لاعتقاد المنفعة المستلذ بها من جهته اما عاجلية كالسعي في تحصيل المنافع الدنيوية المستلذ بها حسا، أو آجلية كالسعي في تحصيل اللذات الباقية والخيرات الدائمة الموجبة لكمال النفس وسعادتها، واما العرضي فقد يكون نحو المنفعة وقد يكون نحو المضرة، مثال الأول اما نحو المنفعة الحاضرة فكمن يحتفر بئرا فيقع على كنز، واما نحو المنفعة الباقية فكمن يسعى في الأموال فيتفق له أستاذ مرشد إلى العلم بصير بمنهاجه فيهتدى به إلى سواء السبيل. مثال الثاني اما نحو المضرة فكمن يحتفر بئرا فتنهشه حيه أو يكون سببا لترديه فيه (1) واما نحو المضرة الآجلية فكمن يسعى في تحصيل العلم فيتفق له أستاذ مضل جاهل فيكسبه الجهل بشبهه (2) فيبقى منكسا في الظلمات، وفى درج هذه الأقسام اقسام أخرى بحسب اعتبارات اخر غيري ان ما ذكرناه كاف في بيان المطلوب، إذا عرفت ذلك ظهر لك ان الساعي فيما يضره جزء من كل بالنسبة إلى مطلق السعاة الطالبين للمطالب فلا جرم استعمل سلام الله عليه ههنا لفظ " رب " المقتضية للتقليل، وهذه الكلمة مستلزمة لوجوب التيقظ والاحتراز في المساعى والاجتهاد في تمييز نافعها من مضرها ولزوم القانون العدلي في تعرف كيفية السلوك للصراط المستقيم فان الباطل قد يكون بصورة الحق بالنسبة إلى أوهام كثير من الخلق، والكذب في كثير من مخارجه وقد (3) يتشبه بالصدق، والله ولى الهداية.
الكلمة السادسة عشر قوله عليه السلام: روحوا القلوب فان القلب إذا أكره عمى.
أقول: المراد بالقلب النفس والاكراه الالزام لما يكره وروحوها اي ارددوها