فيها سعاية بعضهم ببعض وإزالة نعمته فيسوق ذلك إلى سفك الدماء وأنواع الشرور، وإذا كان كذلك فيكف يثبت المحبة مع المراء أو ترجى معه الفة أو استجلاب انس؟!
وفى هذه الكلمة تنبيه على وجوب ترك المماراة لما انها مستلزمة لعدم ما وجوده مطلوب بلسان الشريعة فقد لاح لك سره الصادر عن المعالم (1) التامة المزينة بحلي الآداب ومحاسنها، والله ولى التوفيق.
الكلمة الثالثة والأربعون قوله عليه السلام: لا سؤدد مع انتقام.
أقول السؤدد من السيادة، والانتقام والاخذ بالعذاب لتقدم جريمة من المأخوذ عن حركة القوة الغضبية كما سبق بيانه وهو قد يكون محمودا وقد يكون مذموما اما المحمود فما صدر موافقا لرسم الشريعة في السياسات تدبير المدن، واما المذموم فهو الذي يخرج إلى طرف الافراط من ذلك وهو المقصود في (2) هذه الكلمة بالذات المنافى للسؤدد، والسبب في مضادته له ان الانتقام مثير للقوى الغضبية ممن ينتقم منه وحامل له على (3) طلب المقاومة والدفع والمغالبة أنفة وحمية، أو على الهرب والترك وكل ذلك مستلزم لتنفر (4) الطباع وبعدها عن التألف، والسؤدد إنما يحصل بالتواضع وخفض الجناح للتابعين ولين الكلمة واستجلاب طباعهم بأنواع التلطفات والمباسطات والتكرم والتجاوز عن بعض إساءتهم والصفح عن بعض جرائمهم ليحصل الانس والمحبة