شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين - ابن ميثم البحراني - الصفحة ١٦٤
إزالة بعضها وبالجملة ما تسكن معه القوة الغضبية عن الحركة والتحريك في اذى المذنب والانتقام منه كذلك الظفر عند تحققه مزيل للحقد وكاسر للقوة الغضبية من الظافر عن التحريك لشهوة الانتقام اما لان المحرك لذلك الشوق وهو الوهم قد زال منه تصور الموذي أو لاعتقاد الظافر حالة ظفره قلة الأذى وعدم تأثيره في حقه وإذا لاحت هذه المشابهة الحسنة (1) لاح ان ذلك التجوز من أحسن الاستعارات فكفى إذا بالظفر الذي في معنى الشفيع شفيعا للمحتاج إلى الشفاعة في الصفح عن جريمته والتجاوز عن سيئته ومع ما ذكرنا فيه من سر فائدة تشفيعه وهي انه يحصل بالتعويد به الملكة المسماة بالحلم (2) له فائدة أخرى وهي ان تشفيع الظفر في الغالب موجب لانمحاء الحقد من جانب المظفور (3) به أيضا فيكون العفو عنه وترك الانتقام منه سببا لاعتقاده ايصال (4) المنفعة من العافي إليه فيكون ذلك سببا داعيا إلى الميل إلى جانب الظافر وموجبا لتبديل العداوة بالصداقة والوحشة بالانس والفرقة بالألفة والبغض بالمحبة، وكل ذلك قد عرفت انه مطلوب للعناية الإلهية باجتماع الخلق وتكثرهم في الوجود فكفى إذا بالظفر شافعا حافظا للأدب كاسرا للغضب واقيا من العطب موجبا للألفة والحب الذي فيه رضا الرب، والله ولى التوفيق.
الكلمة الخامسة عشر قوله عليه السلام: رب ساع فيما يضره (5). أقول: السعي قد يكون سعيا ذاتيا وقد يكون عرضيا، اما السعي الذاتي

(1) - ج د: " الحسية ".
(2) - ج د: " بالحكمة ".
(3) - د: " المظفر ".
(4) - د: " اتصال ".
(5) - هو مروى في نهج البلاغة في وصية أمير المؤمنين (ع) لابنه الحسن (ع) وشرحه الشارح (ره) هناك بقوله (انظر ص 524 و 526 من الطبعة الأولى):
" نبهه بطريق التمثيل أيضا على التحرز في السعي والتثبت في ارتياد المصالح بقوله: رب ساع فيما يضره، فالأصل هو الساعي، والفرع هو المخاطب، والعلة هي السعي، والحكم هو التضرر ".
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست