مما رزقهم الله (1) " على وفق تلك المناسبات العقلية " وكان الله بهم عليما " (2) مطلعا على تفاوت درجاتهم ومراتب استحقاقاتهم فينزل بقدر ما يشاء (3) انه حكيم عليم (4).
وفى هذه الكلمة إشارة إلى وجوب السعي في تحصيل المعرفة الممكنة اللائقة بالمعبود لتحصل بها السلامة عن رذيلة البخل الذي هو سبب الحرمان في الدارين، والله ولى التوفيق.
الكلمة الثالثة والعشرون قوله عليه السلام: العداوة شغل القلب. أقول: قد عرفت معنى العداوة وانها رذيلة تقابل فضيلة الصداقة تقابل الضدين، واما اثبات المطلوب من هذه الكلمة وهو انها شغل القلب مستلزمة للغضب الثابت وقد عرفت ان الغضب حركة للنفس (5) يحدث منها حرارة دم القلب وغليانه شهوة للانتقام، فإذا كان الغضب ثابتا دائما كان ذلك الغليان متجددا في كل وقت ولحظة وذلك شغل عظيم للقلب ملفت عن سائر أشغاله الواجبة، وان شئت فاحمل ذلك بنظر آخر أدق من هذا النظر على ما هو أدق من هذا المعنى وذلك انك قد علمت أن القلب قد يعبر به في عرف العارفين عن القوة العاقلة التي هي محل العلوم الكلية ثم قد علمت أن العداوة وبغض صادق يهتم معه بجمع (6) الأسباب المؤذية للمبغوض وإذا كان كذلك كان كون العداوة شغلا للقلب ظاهرا لان اهتمام النفس بجمع أسباب الأذى للمغبوض وتحصيلها وفكرها في كيفية التحصيل وفى كيفية الخلاص والسلامة من مماكرة (7) العدو وكيده والاحتراز عن ذلك شغل شاغل لها وملفت عن توجهها إلى المقاصد الحقة التي يجب سعيها فيها، وإذا لاح