210 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في دعاء كان يدعو به: " رب تقبل توبتي واغسل عنى حوبتي " وهذه استعارة، والحوبة والحوب (1): المأثم، والمراد أحط عنى وزرى، وتغمد ذنبي وخطيئتي، ولكن المعصية لما كانت كالدرن (2) الذي يصيب الانسان، فيفحش أثره، ويقبح منظره، أقام عليه الصلاة والسلام إماطة وزرها، وإسقاط إثمها مقام غسل الأدران، وإماطة الأدناس لان الانسان بعدها يعود نقى الأثواب، طاهرا من العاب (3). وهذا الدعاء من النبي عليه الصلاة والسلام على وجه التعبد والخضوع، والتطامن والخشوع، لا أن له عليه الصلاة والسلام حوبة يستحط وزرها، ويستغسل درنها، أو يكون قوله عليه الصلاة والسلام ذلك على طريق التعليم لامته كيف يتوب العاصي، وينيب الغاوي، ويستأمن الخائف، ويستقيم الجانف (4). والسبب الذي لأجله قلنا إن الأنبياء عليهم السلام لا يجوز أن يواقعوا المعاصي، ويقدموا على المغاوى، أن الحكيم تعالى إذا أرسل رسولا جنبه كل ما ينفر عنه،
(٢٧١)