المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ١٩٦
كالمراد بقوله: واللين أخوه، لان الرفق يقبل إليه بالقلوب، ويظأر (1) عليه كوامن الصدور، فيصير كل واحد في الحنو عليه، والميل إليه كالوالد الرؤوف، والجد العطوف، والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام: " والصبر أمير جنوده " أن الصبر ملاك أمره، وشداد أزره، وبه تبلغ الآراب، وتدرك المحاب، فهو كأمير جنده الذي يقوى به على أعدائه، ويصل به إلى أغراضه وطلباته. وقد يجوز أن يكون المراد أن الصبر رأس خلاله، ورئيس خصاله، فهو متقدم عليها، وكالأمير لسائرها، كما أن الأمير متقدم على رعيته، وله شأن على من في طبقته (1).
153 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في جملة كلام:
" والمهلكات شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه "، فقوله عليه الصلاة والسلام: " شح مطاع " استعارة كأنه أقام الشح مقام الآمر بالامساك، والمخوف من عواقب الانفاق، وأقام البخيل

(1) يظأر: يعطف وهو متعد، أي يعطف كوامن الصدور عليه، ويجعل ميلها إليه. وقد سبق مثل ذلك في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بن؟ كلب في قوله " ومن ظأره الاسلام من غيرها " أي ومن عطفة الاسلام عليه.
(2) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث سبعة تشبيهات بليغة، حيث شبه العلم بالخليل، والحلم بالوزير، والعقل بالدليل، والعمل بالقيم الذي يقوم على شؤون الشخص، واللين بالأخ، والرفق بالوالد، والصبر بأمير الجنود، وقد بين الشريف أوجه الشبه في كل منها وقد حذف وجه الشبه والأداة.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست