326 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا دخل البصر فلا إذن ". وهذه استعارة، والمراد أن من استأذن على بيت فولج (1) فيه بصره قبل أن يلج فيه بدنه، فقد بطل إذنه، لان الاذن إنما يكون من قبل أن يقع البصر على ما يشتمل عليه البيت، فأما إذا كان ذلك فكأن المستأذن قد وصل قبل أن يؤذن له في الوصول، ودخل قبل أن يؤمر بالدخول، ويقوى ما قلناه من ذلك الخبر الآخر، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " من اطلع من صير باب فقد دمر "، ومعنى دمر: دخل، والدامر: الداخل، والصير هاهنا: الشق أو الفرجة تكون بين البابين. ذكر ذلك أبو عبيد في غريب الحديث. وموضع المجاز من هذا الكلام تصييره عليه الصلاة والسلام البصر بمنزلة الداخل على القوم، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام رؤيته لهم، ونفوذه إلى ما رواء بابهم (2).
327 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الجرس مزمار الشيطان " وهذه استعارة، وذلك أنه لما كان كل صوت مكروه ينسب إلى الشيطان، كضروب الغناء، وعويل النساء،