246 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " تعس عبد الدينار والدرهم، تعس عبد الحلة والخميصة (1)، إن أعطى رضى وإن منع سخط. تعس فلا انتعش (2)، وإذا شيك فلا انتقش " (5)، وفي هذا الكلام مجاز. وذلك أنه عليه الصلاة والسلام جعل الرجل القوى الطمع الشديد الجشع، الذي يرضى بإعطاء ما سأل، ويسخط بمنع ما طلب بمنزلة العبد للدينار والدرهم، والثوب والعرض، لأنه بإعطاء هذه الأشياء يسترق ويملك، ويمتهن ويستبذل. فجعله عليه الصلاة والسلام عبدا لها على المجاز، وهو في الحقيقة عبد لباذلها. ومن معروف كلامهم: فلان عبد الطمع، وخادم الامل، إذا كان ذليلا لمن وجه أمله إليه، وضارعا لمن علق طمعه به، وقوله عليه الصلاة والسلام: " وإذا شيك فلا انتقش " من صلة الدعاء عليه. يقول: وإذا دخلت في قدمه شوكة، فلا قدر على منقاش ينتقشها حتى يدوم مكثها في أخمصه، فيكون ذلك أطول لألمه (4).
(٣٢٠)