212 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه. فقيل يا رسول الله:
ما همزه ونفثه ونفخه؟ فقال: أما همزه فالموتة (1)، وأما نفثه فالشعر، وأما نفخه فالكبر "، وفي هذا الكلام استعارات ثلاث:
الأولى منها الاستعارة من همز الشياطين، وأصل الهمز الغمز والدفع وكل شئ دفعته فقد همزته، ويروى بيت القطامي:
تراهم يهمزون من اشتركوا * ويجتنبون من صدق المصاعا (2) ويروى يغمرون، فالهمز على ما فسره النبي عليه الصلاة والسلام هاهنا الموتة وهي الجنون على الحقيقة، فإن الشيطان لا سلطان له على الانسان ولا يصرعه ويوسوس له ويفزعه، وقد صرح التنزيل بذلك، فقال تعالى: " وقال الشيطان لما قضى الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي " الآية، فعلمنا أنه لا سلطان له على الانسان إلا بالوساوس والتخابيل، وضروب