المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٤٢٩
دخول النار بمن أشرف على جرفها (1)، وقام على حرفها، في شدة القرب منها، والاشفاء (2) على الوقوع فيها. ومثل ذلك قوله تعالى:
" وكنتم على شفا (3) حفرة من النار فأنقذكم منها ". وقد لخصنا الكلام على ذلك في كتاب مجازات القرآن (4).
347 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام، وقد رأى بعيرا في بعض حيطان (5) المدينة فحن إليه كالشاكي، فقال عليه الصلاة والسلام لصاحبه: " إن بعيرك يشكوك ويزعم أنك أكلت شبابه حتى إذا كبر تريد أن تنحره "، وهذا القول مجاز، والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام " أكلت شبابه " استعملته في حال شبابه وقوته، وأجمعت نحره في حال ضعفه وكبره، فجعل استعماله طول أيام شبابه كالأكل شبابه، لأنه استنفاد له وذهاب به (6)

(1) أي على المكان المعرض لجرف جهنم له كما سبق بيانه.
(2) الاشفاء: الاشراف.
(3) شفا حفرة: حرف حفرة معرضين للوقوع فيها.
(4) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث تشبيه بليغ، حيث شبه المسلمان اللذان يحمل كل منهما السلاح على صاحبه بالشخصين الواقفين على قطعة من الأرض تكاد النار تجرفها وتلتهمهما، بجامع التعرض للخطر الداهم في كل، وحذف وجه الشبه والأداة.
(5) الحائط هنا: البستان وجمعه حيطان وحياط.
(6) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث استعارة تبعية، حيث شبه استعمال البعير في شبابه وإبان قوته بأكل شبابه، بجامع الأفناء في كل، واشتق من الاكل بمعنى الاستعمال طول مدة الشباب أكل بمعنى استعمل، على طريق الاستعارة التبعية.
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست